فؤاد مسعد
فنان أصيل ، يحمل في داخله طموح كبير وذخيرة من الثقافة والاجتهاد كان لهما الأثر الواضح في آلية فهمه للفن ، وطريقة تعاطيه مع أدواره وكيفية البحث عن مفاتيحها للولوج إلى عمق عوالمها ، وبالتالي تجسيدها وفق رؤيا واضحة مشّبعة من روح الدور ، لم يكتف بشهادته الأكاديمية من المعهد العالي للفنون المسرحية لتكون سلاحه في مواجهة التحديات وإنما تسلح بموهبة متجذرة كانت له بمثابة البوصلة لما يُقدم من أعمال .. إنه الفنان مروان أبو شاهين ، الذي كان لنا معه هذا اللقاء ، والبداية من جديده في مسلسل (امرأة من رماد) إخراج نجدة أنزور وتأليف جورج عوض وإنتاج المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي :
ـ أين تكمن خصوصية مشاركتك في مسلسل (امرأة من رماد) ؟ أقدم في المسلسل شخصية سامر وهو شاب مناضل يضحي بروحه مقابل عزة بلده ، والآن في هذا الظرف العصيب الذي تواجهه بلدنا نتيجة الغدر المحاط بنا من كل الجهات نحن بأمس الحاجه لأشخاص مثل (سامر) وكل من يشبهه ، فقد لبّى النداء واستشهد ليروي بدمائه أرض وطنه والذي هو الروح بالنسبة إليه ، فجاء إسناد الدور إلي بمثابة شرف كبير ، إنها رسالة ينبغي أن تصل بكل ما للكلمة من معنى فالوطن هو الأم ، ويشرفني أن أنقل كلمة قالها الكبير الحاضر الغائب نضال سيجري قبل وفاته وهي : وطني مجروح وأنا أنزف خانتني حنجرتي فاقتلعتها أرجوكم لا تخونوا وطنكم .
ـ إلى أي مدى يلامس (امرأة من رماد) الأزمة الحالية وتداعياتها على الناس ؟ يلامس (امرأة من رماد) إلى حد كبير الأزمة التي نتعرض لها جميعاً ، وهو وبكل إخلاص ينقل رسالة للمتلقي مضمونها إن ضاقت بنا الأحوال أو دارت علينا الدوائر فإننا مصرون ولآخر نفس فينا أن نبقى وسنبقى ، لا للطائفية ولا للتفرقة ، نحن شعب يجمعنا دم واحد هو الدم السوري . ـ هل تؤيد فكرة تناول الأزمة ضمن الأعمال الدرامية (الآن) ؟ بالطبع أؤيد هذه الفكرة ، فهناك حقائق يجهلها الكثير من الناس ينبغي أن يُسلّط الضوء عليها لما فيها من حالة استفزازية إيجابية لخلق النخوة بداخلهم ، وقد تخلق هذه الأعمال اصراراً على فكرة الانتماء للوطن والسعي للتفاني من أجله والحفاظ عليه ، ومن المسلسلات التي تستحق الثناء (تحت سماء الوطن ، سيرة الحب وغيرهما) فالناس في هذه المرحلة بحاجة كبيرة إلى الوعي لما يجري من حولهم والتوعية من خلال هذه الأعمال يعتبر جزءاً مهما جداً للمواجهة والإدراك .
ـ ما الصراعات التي عاشها علاء مع الإنسانة التي أحبها في الفيلم الجديد (تحت سرة القمر) ؟ أهم هذه الصراعات يتمثل في الصراع الاجتماعي البحت ، فهو صراع له علاقه بالظرف العام الذي يعيشه ولا يتقاطع مع ظروف وشروط من أحب ، ولكن على الرغم من كل الظروف يصل أخيراً وبمحض الصدفة إلى تحقيق حلمه الذي انتظره طويلاً ليتزوج سراً من حبيبته ، ويبقى الأمر على هذا النحو ليحافظ على هدفه وحبه . وبالتالي هذه أهم الصراعات التي واجهها في حياته برفقة زوجته فقد قررا أن يبقى الأمر سراً رغم كل الصعوبات التي يواجهانها اجتماعياً وعلى مستوى أسرتيهما ، وهذه رسالة مهمة أراد الفيلم ايصالها للمتلقي ، فإن وجد الحب فبإمكانه تجاوز كل التحديات والشروط لكي يبقى .. يذكر أن الفيلم من إخراج غسان شميط إنتاج المؤسسة العامة للسينما .
ـ الفيلم مأخوذ عن أصل روائي للكاتبة جهينة العوام ، فإلى أي مدى الفنان معني بذلك ، أي أن يعود للأصل الروائي خلال دراسته للشخصية ، أم السيناريو الذي بين يديه هو مرجعيته دون سواه من النصوص ؟ من الضروري أن يعود الممثل إلى النص الروائي الأساسي لقراءة التفاصيل وايجاد الإسقاطات بينه وبين نص السيناريو المكتوب ، وبالعموم لمست المتعة في (تحت سرة القمر) عبر كلتا الحالتين ، فالنص الأساسي غني بكل تفاصيله ولكنه من الطبيعي أن يكون مصاغاً على شكل رواية أما نص السيناريو السينمائي فكان قريباً جداً منه ومكتوب أيضاً بصيغة أدبية عالية المستوى تضعك تارة ضمن أجواء الرواية وتأخذك تارة أخرى لتكون ضمن حالة تصبح من خلالها منغمساً في سيناريو سينمائي يحوي حالة خاصة من الإبداع تخلق لديك صوراً تستفزك لخلق تفاصيل عديدة تغنيك كممثل لتعطي أجمل ما لديك .. والنتيجة لكل ما سبق أنه من الضروري جداً أن نكون على دراية كافية بتفاصيل الرواية ليساعدنا ذلك في الاكتشاف أكثر لما له علاقه بالسيناريو .
ـ انتقدت حال المسرح وقلت أنك لن تعود إليه إلا بتوفر مجموعة من الشروط ، فما الحاجز الذي يقف بين الفنان والمسرح ؟ المسرح بالذات إن لم تعطه فلن يعطيك ، هناك شروط عديدة ينبغي مراعاتها في المسرح ، وللأسف الشديد كل القائمين عليه لا يرهقون أنفسهم في تحقيقها على الرغم من بساطتها ، وإذا ذهبنا قليلاً للجانب المادي فالذي يقيّم أجور ممثلين المسرح لا يدرك قيمة التعب والإرهاق الذي يبذل على الخشبة فهو يعتقد أن الأجور التي تُقدم هي فوق الحد المطلوب لدرجة أن الممثل المسرحي يضع في غالب الأحيان كامل أجره أثناء البروفات ، وهنا أريد التنويه إلى مسألة هامة وهي أن الممثل المسرحي في أوروبا ومعظم دول العالم يُعتبر نجم شارع بكل المقاييس لدعمه معنوياً أما من حيث الدعم المادي فهو يكفيه أجر عمل مسرحي واحد ليعيش من خلاله باقي الموسم ، فأين نحن من كل تلك التفاصيل ، المسرح هو الروح فلا تحرمونا أرواحنا .
ـ هل فرض غياب نجوم وفنانين خارج سورية حالة إيجابية تجاه الفنانين المغيّبين عن الساحة ليظهروا موقعهم الحقيقي ؟ لم أشعر أبداً أن شيئاً قد تغير منذ غياب بعض الفنانين وسفرهم إلى الخارج حتى الأن ، ولن أذهب بعيداً فأنا أحد الأشخاص المغيّبين عن الساحة الفنية لم أستفد شيئاً من تلك الظاهرة ، لا بل على العكس بقيت التركيبة نفسها والوجوه نفسها بحالة تكرار ، وليس هناك أي سعي لصناعة جديدة وهذا ما يجعلنا بحالة قلق دائمة تجاه هذه المهنة .