(أطويل طريقنا أم يطول) قصة حب سورية خاتلت كاميرا المخرج وخرجت عن سيطرته؟!!


(أطويل طريقنا أم يطول) قصة حب سورية خاتلت كاميرا المخرج وخرجت عن سيطرته؟!!

أحمد الخليل

- فيلم المخرج ريمون بطرس الجديد والذي افتتح عرضه مؤخرا- يرصد على مدى أربعين دقيقة حياة السوريين وما آلت إليه الظروف خلال الحرب المستمرة منذ ما يزيد على أربع سنوات، وما أفرزته هذه الحرب من تمزق النسيج الاجتماعي والعائلي، من خلال قصة الشاب فادي (عمر بطرس) وأخته هنادي ( هيا مرعشلي) العائدان إلى دمشق بعد فترة من الإقامة بلبنان هربا من الظروف والموت، وفي طريق عودتهما إلى منزلهما تستوقف هنادي أخاها وتنزل من السيارة لتركع وتقبل تراب الشام الذي اشتاقت إليه، في سياق رومانسي حيث تستعرض كاميرا بطرس شوارع دمشق بنوع من الحنين المختلط بالسياحية. ينتمي الفيلم أسلوب (الديكو - درامي) فتختلط الوثيقة بالدراما بالسرد الروائي وبالتسجيل، وهنا تختلط حياة المخرج وحبه لدمشق بقصته المروية، فيظهر بطرس في بداية فيلمه متحدثا عنه كما تتخلل الفيلم مشاهد له في مقهى (نينار) حيث الشعر الغناء والموسيقى والرقص في محاولة للتأكيد على استمرارية الحياة بدافع قوي هو الحب لسورية الباقية إلى الأبد.. في سياق الفيلم يحاول المخرج الإيحاء بالحدث السوري من خلال المؤثرات الصوتية (أصوات رشقات رصاص واشتباكات وقذائف وقصف) إضافة لقصة إحدى صديقات هنادي التي اختطفت وهي قادمة لمشاركة أصدقائها فادي وهنادي والشلة فرحتهم بعودتهما من لبنان، هذه الحادثة تجعل الأب (تيسر إدريس) يفرض على ولديه (فادي وهنادي) العودة إلى لبنان، لخوفه عليهما رغم اعتراضهما ووصف الأب بالديكتاتور ..لكن وبعد وصول السيارة إلى مقربة من الحدود السورية اللبنانية يتصل الأب وبصوت دافئ طالبا من ولديه العودة إلى دمشق في دلالة على أهمية البقاء في البلد ...

وفي الطريق كما في عودتهما الأولى تصر هنادي على التعمد بمياه دمشق، ونرى في سياق الفيلم هنادي وبمشهد أقرب للحلم تقف في مسقط إحدى نوافير دمشق تغتسل بمياه الفيجة كما تلح عليها رغبتها الدائمة...

الفيلم لم يقدم صورة عميقة لما يجري في البلد، أو لما هدف منه، فعائلة الشابين تبدو ثرية إلى حدا ما، حيث يذهب الأولاد ويعودون بسيارتهما الخاصة إضافة لبيتهما الذي كما يبدو يقع في حي راق من أحياء الأثرياء ..أي هي عائلة لم تطلها الأحداث ولم تعاني من الأزمة (حسب الفيلم) فهي تظهر بعافية وفرح فلا تعدو الأحداث صدى بعيد عن حياتهما الخاصة، فيما الأب (الكاتب) يتابع حياته مدخنا ومراقبا مع وزوجته نشرات الأخبار بشكل أقرب للحيادية ..

وحتى نقاش الأصدقاء والشجار الذي حصل بينهم، أثناء الاحتفاء بعودة فادي وهنادي بسبب السياسة، لم يظهر أبدا سبب الشجار، رغم الإيحاء بأن أحدهما موال والثاني معارض، أي لم نقتنع دراميا بسبب الشجار الذي أقحم إقحاما فقط للإيحاء بأجواء الأحداث..

.، من ناحية ثانية سيطرت النزعة السياحية على الفيلم، فكاميرا المخرج تستعرض الشوارع وحتى حواجز الجيش بعين سائح قادم من بعيد يبحث عن مواطن الجمال ببلد غريب ؟!! وهذا ما أدى لوقوع الفيلم في بطء شديد أثر على إيقاعه، فلا تصاعد درامي ولا قصة محبوكة جيدا مبنية على صراع هو أس الدراما بأي عمل فني إن كان مسرحا أو سينما أو تلفزيون...) استخدم المخرج وطوال الفيلم الكلوز(اللقطات القريبة) دون مسوغ، فالوجوه استحوذت على عدسة كاميرا بطرس في شكل قريب للفوتوغراف وخاصة على وجهي الولدين، أي لم نكن أمام غنى مشهدي أو تنويع فني في كوادر الفيلم، هذا غير زج المخرج بنفسه وبشخصيته الحقيقة أمام الكاميرا ليستعرض لنا حبه للبلد وعشقه لسورية التاريخ والحضارة والحاضر (ونحن لا نشك بذلك)... وفي محاولته للتركيز على النسيج السوري المتنوع اجتماعيا وطائفيا نرى وجود فتاة محجبة ضمن الشلة، وتقوم بعناق وتقبيل أصدقائها بشكل أقرب لقصدية فلكلورية ليس إلا، ولم تأت أبدا ضمن سياق درامي وفني مقنع...

قصة الفيلم المشتتة والسيناريو الضعيف البناء والمفكك، أربك الممثلين، فالفنانة ناهد الحلبي كانت تتمحل حوارها تمحلا، وبدت سمجة ثقيلة الدم وهي تحاول أن تكون مرحة مهضومة، فيما غيب الصمت الغالب على تيسير إدريس أي فعالية له كشخصية ضمن الفيلم وكأنه زائد عن الحاجة دخل السيناريو واقتحم المشهد في غفلة من المخرج ..؟!! فيما جاء أداء عمر بطرس ابن المخرج باردا مفتعلا يؤدي دوره بحيادية وهذا ناتج بشكل أساسي لعدم الإتقان في صياغة السيناريو وغياب رؤية المخرج وضبابيتها فنيا وفكريا.... (أطويل طريقنا أم يطول): إنتاج المؤسسة العامة للسينما (وزارة الثقافة) سيناريو وإخراج ريمون بطرس، مدير الإنتاج: إسماعيل قطرنجي، مدير التصوير: محمود سنوبر، مخرج منفذ: عمر بطرس، تمثيل ناهد الحلبي, تيسير إدريس, عمر بطرس، هيا مرعشلي، عدد من طلاب وطالبات المعهد العالي للفنون المسرحية.







مواقع صديقة

 

آفاق سينمائية

مجلة إلكترونية أسبوعية