جبران خليل جبران وسلمى الحايك لبنانيان في سماء الإبداع العالمي بفيلم النبي


 جبران خليل جبران وسلمى الحايك لبنانيان في سماء الإبداع العالمي بفيلم النبي

كتب جبران خليل جبران في كتابه النبي :
أما أنت إذا أحببت ، فلا تقل الله في قلبي ، لكن قل أنا في قلب الله «إذا المحبّة أومت إليكم ، فاتبعوها، وإذا خاطبتكم فصدّقوها».
وجاء أيضا :
الحب لا يَنشُدُ إلا تَحقِيقَ ذَاتِه، فإذا أحببت، ولم يكن بُدٌّ مِنْ أن تُسَاوِرَك رَغبات، فلتكن هذه رغبَاتُك:
أن تذوبَ حتى تُصبحَ كالغديرِ المنسابِ، يشدو لليلِ بألحانه.
وأن تحس الألم النابع من فيض حنان دافق.
وأن تتقبلَ الجرح ينتابك من إحاطة ذاتك لمعنى الحب.
وأن تبذل دمك عن رضاً وابتهاج.
وأن تنهضَ مع الفجرِ بقلب مجّنح، لتستقبلَ شاكراً يوماً في الحبِّ جديداً.
وأن تقيلَ مع الظهيرة مستغرقاً في نشوة الحب.
وأن تعودَ مع الأصيلِ إلى مأواك، يمورُ صدركَ بالامتنان،ثم تَخلُدُ إلى النوم،
وقلبُك يسبِّحُ بمن تهوى، وشفتاك تتمتمان بأنشودةِ الحَمد.
بهذا العمق ، يلج جبران خليل جبران فينا ، عوالم كتابه الأشهر عربيا (النبي ) . وهو الكتاب الذي يسميه البعض أنشودة الإنسانية .عندما ألف جبران هذا الكتاب ، المليء بالفلسفة والشعر والتحدي والوجدانيات ، طلبت منه والدته أن يؤجل نشره ، وكان قد وضعه باللغة العربية أولا، فأمتثل لرأيها . وبعد وفاتها ، أعاد صياغته ثلاث مرات . ثم ألفه مجددا بعد عشر سنوات باللغة الإنكليزية مباشرة ، دون ترجمته من العربية . وكان حدثا صاعقا ، تعددت طبعاته ، حتى صار عددها حتى العام الحالي 163 طبعة وترجم لما يزيد عن الخمسين لغة عالمية .
يصنف كثيرون ، كتاب النبي ، كأحد أهم الكتب في العالم من حيث عدد النسخ ، ذلك أن عدد ما طبع منه زاد عن المائة مليون نسخة ، و هو عربيا ثاني كتاب بعد الكتاب المقدس من حيث عدد مرات الطباعة .
كتاب النبي ، شعري ، يتكون من ستة وعشرين نصا نثريا ، بروح شاعرية ، تحكي عن المصطفى ، الحكيم والشاعر ، المضطهد ، والملاحق من قبل الحاكم ، المصطفى أراد أن ينقل للناس الحكمة من خلال ما كان يقول لهم . هو كتاب يحتوي على الكثير من معاني الحب والخير والعمل والبيت ومحبة الأبناء والآباء وأفكار عن الوجود و الحرية والجمال ... . إنه كتاب الحياة .. ظهر فيه جليا تأثر جبران بالفلسفة الهندية القديمة ودياناتها وكذلك التصوف الإسلامي وخاصة ابن الفارض وابن عربي والحلاج وسواهم .
ألف جبران هذا الكتاب وهو يضع روح الشرق في مجتمع غربي مادي بعيد عن هذه الروح الشفافة . وهو الكتاب الذي قال فيه مؤلفه : بأنه ولادته الثانية. وقال قبيل وفاته عام 1931: «لقد شغل هذا الكتاب كل حياتي». كان للكتاب تأثير كبير ، على العديد من مبدعي العالم وشخوصه المهمين . أدباء وسينمائيون وساسة وغيرهم .
والآن بعد ما يقارب التسعين عاما على ظهور الكتاب ، يتصدر مجددا الحدث الأمريكي والعالمي ، من خلال السينما هذه المرة ، بعد أن تصدت إحدى حفيدات موطن ذلك المبدع لإنجازه في مشروع سينمائي عالمي ضخم .
سلمى الحايك ، المكسيكية المتحدرة من أصول لبنانية ، تنجز فيلما عن كتاب النبي . يحمل ذات الاسم ، وبهذه المناسبة قالت : الفيلم "شخصي" بالنسبة إلي باعتبار أن جدي "أحب هذا الكتاب" الذي صدرت منه 163 طبعة حتى اليوم. "كنت صغيرة جدا عندما توفي جدي وتعرفت إليه من خلال هذا الكتاب الذي علمني الحياة". وقالت حايك المولودة لأم اسبانية والحاصلة على الجنسية الأميركية ، أن اختيار الرسوم المتحركة لإنتاج الفيلم هدفه إيصال رسالة "النبي" بشكل أفضل الى الأجيال الشابة.
وأضافت خلال مؤتمر صحافي في بيروت "أنها رسالة حب لإرثي، أردت من خلال هذا الفيلم أن أخبر العالم أنه كان هناك أديب عربي كتب الفلسفة والشعر وجمع الأديان والعالم وباع أكثر من مائة مليون نسخة على امتداد أجيال عدة".وقالت حايك "نريد إنصافه". وأوضحت حايك في تقديمها علاقتها بكتاب النبي الذي كانت تشاهده إلى جانب سرير جدها الذي عرفها عليه ، وعندما قرأت الكتاب لاحقا في عمر 18 سنة ظلت صورته مرتبطة بجدي الذي أهدي العمل إليه . كما ابنتي الصغيرة فالنتينا، بوصفها ممثلة للأجيال الجديدة التي عليها أن تتعرف على هذا التراث الثر وتنهل منه وبينت "لقد تعلمت الحياة عبر هذا الكتاب وأحلم أنها (ابنتها فالنتينا) عندما تكبر أن تتعلم الحياة كما تعلمت عبر جدي من جبران خليل جبران وشعره وكتابه النبي".
وتعليقاً على العمل السينمائي، قالت حايك إنّ رواية "النبي" هي مصدر حكمة وإلهام للملايين من الناس في كل أنحاء العالم. وأضافت مفاخرة بأصلها اللبناني: "أنا أشعر بالفخر لأني أشارك في هذا العمل إذ إنّه سيقدّم تحفة إلى الأجيال الجديدة."
وعن الفيلم قال مخرجه :“التحدي هو أن هذا الكتاب عبارة عن قصة قصيرة، فكان علينا ايجاد وسيلة لدمج القصائد التي يتضمنها مع السرد وجعلهما يتطوران معا بطريقة رشيقة.” سلمى حايك وروجر أليرس تعاونا مع تسعة أسماء لامعة في عالم الرسوم المتحركة. كل واحد منهم قام بإنجاز جزء محدد من الفيلم . واحد من هؤلاء محمد سعيد حارب أحد صناع الرسوم المتحركة في العالم وهو العربي الوحيد في فريق الإخراج قال عن الفيلم :“أنا فخور جدا ، الأدب العربي عرف خاصة من خلال علاء الدين وعلي بابا وألف ليلة و ليلة وهي كتب قديمة ، لكن النبي كتاب معاصروشهير، وواحد من أكثر الكتب مبيعا في العالم ونحن هنا معا للإحتفال بهذا الإبداع العربي.

قام بإخراج الفيلم عدد من المخرجين العالميين إلى جانب المخرج الإماراتي محمد سعيد حارب، والمخرج روجر الرز، الذي سبق وأخرج فيلم «الملك الأسد»، وهو المشرف على العمل عامة ..

" في الفيلم المقتبس عن كتاب «النبي» سنتابع قصة رجل حكيم اسمه مصطفى تثير كلماته الحكيمة خوف السلطات السياسية منها فتجبره على الإقامة الجبرية في جزيرة «أورفليس» الخيالية لسنوات عدّة، قبل أن تطلب منه الرحيل على سفينة راسية على شاطئ الجزيرة. فيطلب الأهالي منه خلال توجّهه إليها أن يشركهم في علمه ومعرفته، فيحدثهم عن الموت والحياة والزواج والعمل والمحبة.

تقوم «المترا»، الفتاة الصغيرة ابنة «كاملة» التي تلعب دورها الممثلة سلمى حايك، بمرافقته في رحلته فتعيش مرحلة التحوّل في حياتها من خلال تأثرها بكلماته وقصائده.

موسيقى الفيلم ألفها اللبناني غبريال يارد، واضع موسيقى فيلم «المريض الإنكليزي»، وغيره من الأعمال السينمائية العالمية.
قام بتسجيل أصوات الشخصيات المتحرّكة ممثلون عالميون، من بينهم سلمى حايك التي تؤدّي صوت شخصية "كاملة"، وليام نيسون الذي يؤدي صوت "النبي"، إضافة إلى كلّ من ألفريد مولينا وجون كراسينسكي وفرانك لانجيلا .
نجحت حايك التي عملت على هذا المشروع منذ عام 2011 ، في أن تحول حلمها إلى حقيقة مع فيلم بميزانية نحو 12 مليون دولار، ساهم عدد من الجهات في تمويله، من بينها مؤسسة الدوحة للأفلام، مؤسسة ماي غروب لبنان وبنك أف أف أيه الخاص وشركة كود ريد برودكشن وشركات أخرى.
لقد بنى أليرز حكايته الإطارية على العلاقة بين طفلة تدعى المترا (وهو اسم شخصية العرافة التي تتعاطف مع المصطفى في كتاب جبران ويحكي لها عظاته وقصائده) تتسلل إلى غرفة شاعر منعزل ومنفي يدعى مصطفى. ويتضح من اختيار الطفلة هدف الفيلم في مخاطبة الأطفال وتقريب كتاب جبران إليهم عبر الرسوم المتحركة.
وإلى جانب أليرز نجحت حايك في جمع مجموعة من أفضل فناني الرسوم المتحركة وخبرائها وأعطتهم الحرية لتقديم الشكل الفني الذي يختارونه لتجسيد قصائد النبي .
ومن الفنانين المشاركين في المشروع تحدثت فنانة الرسوم المتحركة جوان سي كراتز، (وهي صاحبة تكنيك خاص بها في أفلام التحريك يدعى الرسم بالطين، تقوم فيه باختيار أشكال طينية تقوم بعدها بمزجها مع الألوان ثم تحك خطوطا دقيقة فيها لتوحي بالحركة وتدفق الصور) عن أنها حاولت في المقطع الذي صنعته في الفيلم العودة إلى رسوم جبران نفسه وكذلك مناخ تأثره بالشعراء الرومانتيكيين ولاسيما الشاعر الإنجليزي وليم بليك الذي كان رساما أيضا.وقام فنانا التحريك الفرنسيين المعروفين الأخوان بريسي (بول وجيتان) برسم لوحات القصة التي يستند اليها تطور السرد في الفيلم story board . .
وقدم المخرج وفنان التحريك ومصمم الغرافيك الأمريكي بيل بلايمتون اسلوبا يعتمد على الاقتصاد في الخطوط والأشكال واستلهام بعض أشكال الموروث التصويري الشرقي فضلا عن استلهام لوحات جبران نفسه.
ولعل أحد أجمل مشاهد الفيلم التي شاهدناها تلك اللقطات التي حاولت أن تجسد فكرة جبران عن الحرية حين تتحول أقفاص الطيور إلى عملاق كبير (رمز الاستبداد) يتبدد لاحقا إلى طيور حرة، أو مشهد الطيور المربوطة بخيوط إلى الشجرة فتقتلعها وتطير بها" .







مواقع صديقة

 

آفاق سينمائية

مجلة إلكترونية أسبوعية