فيلم القيامة الآن لكوبولا . بعد ربع قرن ونسخة جديدة


فيلم القيامة الآن لكوبولا . بعد ربع قرن ونسخة جديدة

من منا لا يتذكر فيلم فرانسيس فورد كوبولا ، الشهير القيامة الآن ، الذي تحدث فيه الفيلم عن التشوه الإنساني الذي يمكن أن يصيب الشخص متأثرا بالحروب ومواجعها التي تجذرها في ذاكرة الإنسان .
القيامة الآن ، بدأ كمحاولة من كوبولا ، من خلال رواية أدبية عليها بعض المقترحات ، ثم تصدى نفسه لعملية إنتاجها بعد متاهات مع المنتجين . إلى أن خرج الفيلم أخيرا . بعد تعب ما يقارب السنوات الثلاث مع كوبولا الذي كاد أن يفلس من الفيلم .
بعد ربع قرن من الأعاصير الفنية التي أحدثها الفيلم . بدءا من مشاركته في مهرجان كان السينمائي عام 79 بنسخة غير مكتملة . وفوزه بالجائزة . وصولا إلى النسخة الجديدة التي ظهرت قبل أعوام . وقد زاد عليها كوبولا 49 دقيقة . يبقى هذا الفيلم . أحد أهم أفلام السينما الأمريكية في تاريخها الطويل .

كتبت عن الفيلم الكثير من وجهات النظر  على إمتداد وجوده . هنا سوف نتناول إثنتين . الاولى مخصصة عن النسخة القديمة والثانية عن الجديدة .
" عندما بدأ المنتج والمخرج فرانسيس فورد كوبولا تصوير فيلمه (القيامة الآن) بعدما كتب سيناريوه هو وجون ميلوس معتمدين بشكل طفيف فقط على القصة الشهيرة (قلب الظلمات Heart of Darkness) للروائي جوزيف كونراد فإنه لم يكن يظن أن التصوير سيطول به أكثر مما يجب وبأن هذا الفيلم سيجلب الكثير من المتاعب والمشاكل خصوصاً وكوبولا لم يعرف سوى النجاح آنذاك في أفلام العرّاب (بجزئية الأول والثاني) وفيلم المحادثة وكلها حصدت جوائز كبرى ونجاحاً نقدياً وجماهيرياً هائلاً.
فالسيناريو الجديد يتناول حياة ضابط أمريكي يتم إرساله لأدغال فيتنام لكي يقضي على قائد أمريكي ترك الجيش وكوّن له جيشاً من الأتباع الفيتناميين الذين أصبحوا يقدسونه كقائد عظيم. تصوير الفيلم في غابات الفلبين كان بحضور طاقم كبير ومكلف ويكفي أن نذكر أن ما تقاضاه مارلون براندو وحده عن دوره القصير جداً والذي لا يستغرق عمل شهر له كان يقارب الثلاثة ملايين ونصف من الدولارات وهو مبلغ لم يسبق أن تقاضاه ممثل على أي فيلم سابقاً آنذاك.
كانت فترة التصوير مضنية وطويلة حيث بدأت في شهر مارس من عام 1976م واستمرت لأكثر من ستة أسابيع بعد الموعد المخطط له للتوقف وبتكلفة إضافية تتجاوز المليوني دولار بسبب ظروف عدة مثل هطول الأمطار الشديدة التي أوقفت التصوير عدة مرات ومثل عدم رضا كوبولا عن مناسبة الممثل هارفي كيتل للشخصية الرئيسية للفيلم مما جعله يوقف الفيلم ليعود لأمريكا ويختار مارتن شين بدلاً منه.
بعد عودة كوبولا في نهاية العام شاهد ما تم تصويره ولم يرض عنه فعاد في بداية السنة التالية 1977م ليعاود التصوير وليواجه المزيد من الصعوبات كالأزمة القلبية التي تعرض لها مارتن شين خلال التصوير، لكن المصيبة الأكبر هي الزيادة الكبيرة في وزن مارلون براندو مما جعله لا يناسب الشخصية المكتوبة. لم يجد المخرج حلاً سوى أن يستعيض بممثل بديل أطول وأخف وزناً كما قلل من ظهور براندو مكتفياً بإجلاسه في الظلمة وظهور وجهه فقط دون جسمه. سرت شائعات لاحقاً بأن الفيلم تم تصوير خمس نهايات له بسبب تردد كوبولا، وهو أمر لم ينفه كوبولا ووضح لاحقاً أن زيادة وزن براندو منعته من تصوير المشهد الختامي الذي خطط له بالسيناريو وهو الأمر الذي بعثر جميع أوراقه ككاتب ومخرج للفيلم.في بداية صيف 1977م تم الإنتهاء من التصوير بالكامل تقريباً وكان لدى الفريق خطة بوضع وتركيب الصوت في أربعة أشهر لكن عدم وضوح فكرة النهاية قد يسبب ارباكاً للجميع حيث لم يكن كوبولا قد جزم بعد فيما إذا كان سيستخدم التعليق الصوتي طوال الفيلم أو لا، فعدم استخدام التعليق يعني أن يضطر لتركيب الأصوات الإضافية في مدة قد لا تقل عن عشرة أشهر!. وقلبه مليء بالشك من استطاعته إنهاء الفيلم بسلاسة، استطاع كوبولا إقناع مدراء شركة يونايتد ارتيست بتأجيل موعد العرض الأول للفيلم من مايو 1978م إلى أكتوبر. وعندما عرضت النسخ التجريبية الأولى للفيلم أظهر الجمهور عدم الراحة لبعض المقاطع كما كان هنالك شبه إجماع على أن نهاية الفيلم مرتبكة ولا تتناسب مع بقية العمل وبسرعة اتصل كوبولا بالكاتب مايكل هير طالباً مساعدته فقدمها الآخر وخاض مع كوبولا مرحلة طويلة أعادا فيها تشكيل الفيلم وكتب فيها هير التعليق الصوتي الكامل للفيلم بطريقة تسهل على المشاهدين فهم الأحداث.
شارك الفيلم في مهرجان كان السينمائي لعام 1979م ودخل المنافسة على جائزة أفضل فيلم رغم أنه كان مصنفاً في المهرجان ك(فيلم لا يزال العمل جار عليه) أي فيلم غير منته. رغم الصعوبات التي واجهها الفيلم وكثرة هجوم الصحف والإشاعات عليه خلال فترة التصوير، استطاع الفيلم –الغير مكتمل- حصد أهم جوائز السينما في العالم، جائزة السعفة الذهبية لمهرجان كان بالمشاركة مع فيلم "طبل الصفيح" الألماني. كما ترشح الفيلم لاحقاً للأوسكار والغولدن غلوب لأفضل فيلم وفاز الفيلم بالعديد من الجوائز في العديد من المهرجانات العريقة عالمياً. اليوم و بعد مرور ما يقارب الثلاثين عاماً على ظهوره يعتبر أحد أهم الأفلام في تاريخ السينما الأمريكية حيث اتفق غالبية النقاد على اعتباره تحفة فنية، وفي استفتاء لمجلة صوت وصورة الشهيرة بتخصصها السينمائي عام 2002، جاء فيلم (القيامة الآن) متصدراً الجميع ومحتلاً المرتبة الأولى كأهم فيلم ظهر خلال الخمس والعشرين السنة الأخيرة." 

ووجهة النظر الجديدة تقول :
"قبل ربع قرن انطلق فرنسيس فورد كوبولا ليخرج فيلم مغامرات حربية ضخم عن فيتنام التي كانت موضوعاً تردد السينمائيون عن معالجته حتى ذلك الوقت. وأصبحت هذه «الادويسة الغبية» كما اسماها كوبولا والتي استغرقت ثلاث سنوات رحلة المخرج الخاصة إلى أعماق قصة «قلب داركنس» للروائي جوزف كونراد والتي استخدمها كوبولا كإطار لفيلمه «القيامة الآن». ومثلما حدث للكولونيل المعتوه الذي لعب مارلون براندو دوره، أصبح كوبولا معروفاً في الأوساط الصحافية والصناعة السينمائية كمجنون تائه في البرية في مسعى لا طائل تحته. في مقابلة صحفية أجريت معه خلال مهرجان كان السينمائي في الربيع الماضي حيث أقيم العرض الأول لفيلمه الجديد (القيامة الآن المعاد) الذي أعيدت إليه وصلات يستغرق عرضها 49 دقيقة كانت قد اقتطعت من الفيلم، قال كوبولا أن الفيلم الأول كان فيلماً سيئاً في حينه. وأضاف: «الصحافيون بطبيعتهم يبحثون عن قصة جديدة، ولا ضير في ذلك. وعندما يكون هناك فيلم (قيد الصنع) في الفلبين وهناك من يقوم بتمويله ويقال انه مجنون، فتلك قصة جيدة». كان كوبولا قد انطلق لصنع فيلم رائع عن الحرب الفيتنامية، حاملاً معه نسخة من رواية كونراد مسجلاً عليها بعض الملاحظات أوحت إليه أن الفيلم سيكون أشبه بالقصة التي يحلم بها، إذ لا يؤمل أن يكون فيلماً حربياً مبرمجاً.، بل عملاً سينمائياً سوريالياً وشبه فلسفي عن النفاق والأخلاقيات. وبدأت رحلة كوبولا الخاصة تعكس الرحلة الكابوسية للكابتن ويلارد (لعب دوره مارتين شين) الذي أرسل عبر النهر في مهمة لقتل كولونيل مرتد (مارلون براندو). وبعد أسابيع قليلة من مباشرة التصوير في العام 1976 تخلى كوبولا عن نجم الفيلم هارفي كايتل واستعاض عنه بشين الذي أصيب بأزمة قلبية خلال التصوير. وجاء براندو إلى التصوير سميناً جداً ولم يتعاون مع كوبولا فيما يخص مفهوم المخرج لشخصية الكولونيل، وكثيراً ما هدد بالانسحاب من العمل. وأدى هبوب الأعاصير إلى وقف التصوير لمدة ستة أسابيع ودمر عدداً من البلاتوهات. وبدأ الشامتون في هوليوود ينكتون: «القيامة متى؟». ويقول كوبولا انه كان هناك أيضا بعض التشفي لأنه مول الفيلم بنفسه ولأن عمله في السينما كان في ضيق حتى ذلك الوقت، و«الكل يعرف أنه إذا فشلت في هذا الفيلم فإن ذلك سوف يقضي عليك تماما». ولتنفيس الدعاية السيئة في الصحف حمل كوبولا نسخة من الفيلم تستغرق ساعتين و 25 دقيقة إلى مهرجان كان في العام 1979، ففاز بالجائزة الأولى للمهرجان وحقق نجاحاً تجارياً كبيراً ورشح لثماني جوائز اوسكار. تلك النسخة كانت بنصف طول التوليفة الأساسية غير المنقحة التي كان ينوي صنعها في البداية. ولكن بعد اضطراره إلى تجاوز الموازنة المرصودة بحوالي 16 مليون دولار، أيقن كوبولا أن عليه تقصير الفيلم ليصبح مريحاً للمتفرج ولكي لا يسير إلى الإفلاس. وتفاقمت الكوابيس المالية إلى حد أن المباشرين القضائيين كانوا يأتون إلى كروم كوبولا لتسليم الأوراق القانونية يداً بيد. ويتذكر كوبولا أن ابنته صوفيا التي كانت في الثامنة من العمر كانت تقف على شرفة المنزل وتصرخ في وجه هؤلاء: «غير مسموح لكم بدخول هذه الأرض. غادروا فوراً». وفي السنة الماضية نفض كوبولا وخبير المونتاج والترميرتش الغبار عن الوصلات الخام المقتطعة من الفيلم القديم وأضافاها إلى النسخة الطويلة. ويركز حوالي نصف المقاطع الجديدة على زيارة ويلارد لاحدى المزارع حيث يدافع مستوطنون فرنسيون عن ارضهم في غمرة الحرب. ويقيم ويلارد علاقة غرامية طويلة مع أرملة فرنسية تلعب دورها الممثلة اورور كليمان التي اقتطعت وصلتها بالتمام من الفيلم الأول. وتقول كليمان أن النسخة الجديدة فيها عواطف جديدة، ومزيد من الحب والحياة ويتم إبرازها كلها. كما تضيف النسخة المعادة مشهداً مشحوناً جديداً يقرأ فيه براندو الأخبار الصحفية على ويلارد ليشير فيها إلى النفاق الذي تتسم به التغطية الإخبارية للحرب الفيتنامية. وتضم النسخة الجديدة أيضا الكثير من الطرافة والمرح والرفقة المتنامية بين شخصية شين الهادئة وبين الرجال الذين يسافرون برفقته. وقد حقق الفيلم الأول نجاحاً كافياً لإنقاذ كوبولا من مشاكله المالية الآنية. وقرر كوبولا صنع فيلم موسيقي خفيف تاليا بعنوان واحد للقلب معتقداً انه سيحقق نجاحاً مالياً كبيراً. إلا أن الفيلم مني بفشل ذريع وأغرق كوبولا بديون جديدة احتاج تسديدها لسنوات عديدة. خدمة أ.ب. خاص لـ «البيان»







مواقع صديقة

 

آفاق سينمائية

مجلة إلكترونية أسبوعية