ها هو مهرجان سينما الشباب يشعل شمعته الثانية، وها هو نحن نحتفي بدفعة جديدة من أفلام حققها هواة بإمكانات إنتاجية وتقنية متواضعة، ولكن بحب كبير للسينما وحماس لا ينطفئ للتعبير عن الذات، والمساهمة في هذه المسيرة الطويلة، الممتدة في عمق التاريخ، للثقافة السورية.
يعبر البعض عن دهشتهم وهم يروننا ننتج أفلاما ونقيم تظاهرات ومهرجانات سينمائية، ويسألوننا: السينما من الفنون المكلفة التي تحتاج إلى رخاء وأمان حتى تنمو وتزدهر، فكيف تستطيعون أنتم وضمن ظروف هذه الحرب الكونية الشرسة على سورية أن تتابعوا إنتاجكم، بل وأن تضاعفوا هذا الإنتاج، وتواصلوا إصدار كتبكم ودورياتكم وتزيدوا من أنشطتكم؟ فيأتي جوابنا بسيطا: لقد تعلمنا ومنذ زمن بعيد أن الثقافة ليست فعلا حضاريا راقيا فحسب، وإنما هي قلعة روحية نتحصن بها في مواجهة ما يراد لنا من خراب ودمار وموت، وهي ملاذنا الآمن مما يعد لنا من فكر ظلامي وتصحر روحي.
علاوة على ذلك فنحن نعمل كما ينبغي لنا أن نعمل دائما، أي نحسن من أدواتنا ونطور مشاريعنا ونرتقي بأنشطتنا.
قبل شهر ونيف من الآن فتحنا الباب للدورة الخامسة من دعم سينما الشباب، وبدأت النصوص والمشاريع تردنا تباعا. وقبل شهرين وضعنا حجر الأساس لمشروع جديد يكمل ويطور مشروع دعم السينما الشباب: دبلوم علوم السينما وفنونها، وهو أيضا موجه لعشاق الفن السينمائي، ممن يطمحون لامتلاك أدوات التعبير عن الذات عبر هذا الفن الجميل الراقي.
وقبل أيام جرى في حلب الاحتفال بيوم وزارة الثقافة الذي يصادف 23 تشرين الثاني من كل عام، وقد كان شعار هذا اليوم لهذا العام: "اليوم السوري للثقافة المقاومة".
هذا ليس مجرد شعار حماسي، وإنما هو خطة عمل تسير عليها وزارة الثقافة، ومن ضمنها المؤسسة العامة للسينما، منذ بداية الحرب على سورية، بل ومنذ تأسيس كل من الوزارة والمؤسسة في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن الماضي. فنحن نعلم علم اليقين أن المستهدف هو سورية وموقعها. ليس موقعها الجغرافي فحسب، على أهميته، وإنما، وبالدرجة الأولى، موقعها الحضاري.
نعم أيها السادة، المستهدف هو عراقة الثقافة السورية والتاريخ السوري والفن السوري والأصالة السورية. لهذا فإن الثقافة المقاومة هي جزء أساس من استراتيجية الدولة في الدفاع عن بلدنا وشعبنا تجاه ما يواجهانه من أخطار، ولهذا أيضا فإن الدولة لا تبخل علينا بأي دعم نحتاجه أو عون يرتقي بعملنا، وهذا هو السر في أننا لم نتوقف يوما عن العمل والإنتاج.
وفي الختام نود أن نتوجه بالشكر والامتنان العميقين للسيد الأستاذ عصام خليل وزير الثقافة على رعايته الكريمة لهذا المهرجان، وعلى كل أشكال الدعم والمؤازرة التي يقدمها للمؤسسة ونشاطاتها السينمائية.
المؤسسة العامة للسينما