حينما عرض الفيلم الروائي الاستعراضي قصة الحي الغربي حصد (10) جوائز اوسكار، من اصل (11) ترشيحا، من بينها أفضل فيلم وممثل ثانوي وممثلة ثانوية وأزياء وموسيقى، الفيلم من اخراج روبرت وايز.
وقبل كل هذا، علينا أن نشير ألى أن الفيلم يستند إلى معالجة استعراضية لمسرحية وليم شكسبير الشهيرة روميو وجوليت ولكن مع أحداث كم من التغييرات وسط ذلك المناخ تتشكل ملامح عصابات تسيطر على ذلك الحي، ومنها عصابة الطائرات البيضاء بقيادة (ريف) وأيضا عصابة أسماك القرش البورتوريكي بقيادة برناردو كراهية وشجارات وخلافات تتفجر على أتفه الأسباب، حتى تصل الأمور
إلى لحظات من التفجر، وعدم القدرة على المعايشة، حيث يغيب التفاهم.. والحوار.
وسط ذلك المناخ، تنشأ علاقة بين توني وهو صديق ريف زعيم العصابة، وصبية جميلة هي ماريا شقيقة برناردو- زعيم عصابة أسماك القرش.
علاقة تبدا في حلبات الرقص، حيث تتطور تلك العلاقة إلى حب جارف.. ولقاءات سرية... ورقص مشترك مشبع بالأحاسيس التي تفضح ما يدور بينهما من علاقة حميمة، رغم غليان الرفض والمواجهة.. والعنف.
على النص الأصلي، تم نقل الأحداث من فيرونا (ايطاليا) إلى نيويورك، وتم تحويل خلاف العائلات في فيرونا، إلى خلاف للعصابات التي تسيطر على نيويورك. حيث المواجهات بين المهاجرين من أميركا الجنوبية وسكان الحي الأصليين.
ولو تأملنا مجموعة الأغاني، سواء تلك التي قدمت في الفيلم أو تلك التي قدمت في الأعمال الإستعراضية التي قدمت على مسارح برودواي نكتشف مشاعر الكراهية والرفض والبغض التي كان يحملها كل طرف للطرف الاخر، ولكن وسط كل ذلك البغض والرفض والكراهية تنشأ قصة حب تنمو، تتطور.. وتشكل المحور.
تجرى الأحداث، هنالك في الحي الغربي من مدينة نيويورك، حيث المزيج بين الأطياف البشرية، السكان الأصليين الذين يفتخرون بأصولهم وأنسابهم، وفي مقابلهم المهاجرون من أميركا الجنوبية، وأغلبهم ينطق الإسبانية، أو اللاتينية.
لاشيء يستطيع أن يوقف ذلك الحب، وتلك العلاقة الانسانية التي لم تعرف الفوارق، والخلافات.بل ان هذا الثنائي العاشق، يبدأ في التفكير جديا بالهروب وترك المنطقة.. التي لم تعد تصلح إلا للعنف والجريمة.حتى أن ماريا، تطلب من توني، أن يبادر الى فتح حوار ومحاولة ايقاف ذلك العنف وتلك المواجهات بين شباب الحي، الذين ينخرطون في تلك العصابات.عنف لايمكن مواجهته حتى ذلك الحب الكبير، وتلك الأحاسيس الفياضة، لا تستطيع أن تسيطر على هذيان العنف الأرعن.. والمتطرف الذي راح يستشري بقوه. كم من التصفيات والجروح.. والقتلى، ومن قبلها الالم النفسي، والحزن.. وذلك الحي الذي تحول الى باحة حرب.
وتتصاعد الأحداث بقوة، حتى أن الحبيبين لا يعرفان ما حدث، الا بعد ان تتكشف أسرار تلك المواجهات الدموية القاتلة، والمفجعة.
قصة حب، منذ اللحظة الاولى، محكوم عليها بالفشل.. واذا كانت عوائل فيرونا - ايطاليا، قد رفضت ذلك الحب بين ابناء طبقتين مختلفتين، فها هي نيويورك، تكرر ذات المعادلة، مع ذات النص، الذي حول الاسر الى عصابات ذات اصول مختلفة. الفشل كارثة... وهو حصاد حتمي للجريمة.. والعنف الضارب بقوة. الفشل حصاد غياب الحب.. والحوار.. والتضحية.. كل ذلك التفاعل الدرامي، يتم من خلال كم من الاستعراضات، التي تجمع بين أبناء العصابات، او بين توني وماريا، التي كانت تواجه بالرفض دائماً من قبل شقيقها (برناردو) وتمضي الاحداث، حب يحاول النمو.. يحاول الصمود.. والبقاء وعنف أرعن يدمر كل شيء.. حتى اللحظة التي يسقط فيها توني مضرجاً بدمائه بين يدي ماريا.إن الحب ضحيته العنف.. والعصابات.. والخلافات الاسرية. واذا ما انهى شكسبير روميو وجوليت بالانتحار، فإن فيلم استعراض، قصة الحي الغربي، انهى تلك العلاقة بالموت.. وهو نتيجة حتمية لخلل في العلاقات الانسانية. الفيلم كتبة، ونقصد الكتابة والمعالجة السينمائية لارنست ليهمان وارثر لورنتس، اعتماداً على النص الاصلى، روميو وجوليت. اما الاخراج فهو من توقيع روبرت وايس او روبرت دايز مع الاعتماد على جيروم ويتر الذي قام بتصميم جميع الاستعراضات، ونستطيع أن نقول، أن الفيلم هو استعراضات. يعتبر روبرت وايز، من صناع العصر الذهبي للسينما، بدأ مشواره، حينما استعان به العبقري اورسون ويلز لمونتاج فيلم المواطن كين ومن هناك قدم للسينما عدداً بارزاً من التحف الخالدة، كمخرج، ومن أبرز اعماله صوت الموسيقى 1965، وقصة الحي الغربي 1961 وحرب الكواكب 1979 . في دور ماريا، كانت هناك النجمة الجميلة نتالي وود (1938 - 1981) التي تعتبر واحدة من نجمات هوليوود بشعرها الاسود الفاحم وعينيها السوداوين، ومن أعمالها فيلم المرشح والسباق العظيم وغيرها.
بينما جسد شخصية توني. النجم ريتشارد بيمر، وضمن اداء رفيع المستوى، كان حضور ويز تاميلين من خلال شخصية ريف وفي مقابلة جورج شاكيرس والذي بدأ مشواره كمغن وكراقص.. وهو احد العلامات الاساسية في هذا الفيلم، لأسلوبه في الغناء.. وايضاً الرقص الذي يصل إلى حد التوحش.
بلغت كلفة انتاج الفيلم يومها 6 ملايين دولار، وجمع بعد ثلاثة اشهر من العروض المتواصلة 43 مليون دولار، وهو انجاز في ذلك الوقت.
تم الاستعانة بأكبر عدد من الراقصين الاستعراضين، على صعيد العصابات المنفردة، او على مستوى المواجهات بين العصابات، مما تطلب ايضاً كماً من الأزياء والأحذية والاكسسوارات والسلالم، لاعتماد تصوير المشاهد بين تلك السلالم في عدد من المشاهد الخلفية.
وأمام الانتاج السينمائي الاستعراضي، لابد من التوقف مع اسم الموسيقار ليونارد برنستون، الذي صاغ لغة موسيقية عالية الجودة، تمتلك تلك الايقاعات المتفردة، وأيضاً المشهديات الموسيقية، التي تحولت الى فعل استعراضي ثري.. بل ان خلود الفيلم، من خلود تلك الموسيقى التصويرية، التي تجسد الحالات الدرامية التي تعيشها شخصيات الفيلم، بين الدفاع عن الحب.. الى رفضه، ولايزال الموسيقار برنستون يمتلك المقدرة على الحضور في الذاكرة رغم رحيله عام 1990، الا ان رصيده واخلاقه ونتاجاته، تظل خالدة.. كخلود الموسيقى.
ونعود الى قصة الحي الغربي التي ربما تكون قصة اي حي، واي مجتمع، واي مدنية، حينما يغيب الحب.. وتتحول العلاقات الانسانية الى رفض وصراعات.. وعنف..
في قصة الحي الغربي، يموت الحب.. ولكن تظل ذكرى عامرة بالقلوب، لانها ذكرى الحب الذي، يرفض الكراهية.. والعنف. عبدالستار ناجي . جريدة النهار رأي آخر يرى الفيلم نموذجا لأعمال خالدة . فكثيرا ما تناولت أعمال سينمائية أعمالا من المسرح الكلاسيكي ، ولعل من أهم هذه المحاولات ما قدم نقلا عن مسرحيات الكاتب المسرحي الكبير ، وليم شكسبير ، الذي انتقلت العديد من مسرحياته للعديد من المحاولات السينمائية في العديد من البلدان في العالم . لكن ما يمز فيلم قصة الحي الغربي ، أنه مأخوذ عن مسرحية تحمل نفس الاسم عن مسرحية “قصة الحي الغربي” لجيروم روبنز. وهي بدورها مأخوذة عن مسرحية رومية وجولييت . كما يميز الفيلم ، أنه رغم قسوة الأحداث وعالم الجريمة الذي يتحدث عنه ، فقد جاء في إطار موسيقي راقص مليء بالموسيقى والاستعراضات. يعتبر الفيلم منذ وجوده أحد أهم الأفلام الغنائية الإستعراضية ، وقد دخل بالجوائز العشر التي نالها في الأوسكار سجل التاريخ .
" هل يمكن تبني التراجيديات القديمة وإسقاطها على تناقضات العصر الحديث؟ أجاب فيلم “قصة الحي الغربي” إيجابا على التساؤل بتقديمه القصة الجديدة / القديمة، لعلاقة حب قادتها أحقاد المجتمع المحيط بها إلى المأساة؛ فأصبح فيلم “قصة الحي الغربي” الغنائي المنتج عام 1961 من كلاسيكيات السينما العالمية، بعرضه قصة “توني” و”ماريا” وهما شابان وقعا في الحب، منذ لقائهما الأول في حفلة راقصة،
الفيلم تعبير عن صرامة الافكار المسبقة في اميركا الحديثة، واكتشاف الذات الشبابية في مواجهة العالم الحقيقي. من الملاحظات على السيناريو الغياب الواضح لاي من شخوص السلطة الابوية / العائلية، والحضور الشكلي لسلطة القانون، ممثلة بشرطيين احدهما ذو زي رسمي وآخر مدني، يحاولان دائما فصل الشباب عن بعضهم تجنبا للمشاكل، وفي الدلالة الوحيدة لوجود اسرة “لماريا” تحادثهم من خارج النافذة متعللة بامرٍ واهٍ للقاء “توني” كانما ينوّه ان الشباب من دون رقابة لا يستطيع ادارة شؤونه بنجاح، رغم ان تلك الافكار التي تتحكم بتفكيرهم موروثة غالبا ممن سبقوهم.
بقعة مسرحية
بقيت اجواء الفيلم، مسرحية الطابع، من حيث محدودية مواقع التصوير وطريقة ادارة اللقطات، برغم انطلاق مساحة الحركة لضمان التنفيذ الناجح للرقصات.
الجوائز
حاز الفيلم إعجاب النقاد والجمهور، وصُنّف بأنه متميز ثقافيا، ودخل مكتبة الكونغرس لفئة “التسجيل الوطني للأفلام” عام 1997، وهو من أعلى الأفلام الغنائية استقطابا للجوائز؛ إذ فاز الفيلم بعشر جوائز اوسكار، من الإحدى عشرة التي رُشِّحَ لها، العام 1962، هي: أفضل فيلم، وأفضل إخراج، وأفضل ممثل وممثلة ثانويين، وأفضل تصميم ملابس، وأفضل مونتاج وأفضل صوت.
كلف إنتاجه ستة ملايين دولار، وحقق عائدات بلغت 43,700,000 دولار، منذ عرضه الأول يوم 18 تشرين الأول 1961.