تأليف: هرمان ج. مانكيفيش إخراج: أورسون ويلز ترجمة: عمر رسول منشورات وزارة الثقافة – المؤسسة العامة للسينما (122) المواطن كين، فيلم أمريكي يعتمد في مادته على حياة الاحتكاري وليام راندولف هيرست في عالم الصحافة، أنتج الفيلم في عام 1941، ويلعب أورسون ويلز في هذا الفيلم، الحائز الجائزة الأكاديمية، دور البطولة، وويلز شاب دينامي يمثل دور تشارلز فوستر كين الذي ينهض من أعماق الفقر إلى ذرى المجد والثروة، بالعمل في دينا الصحافة عبر اللجوء إلى استعمال الوسائل المجردة من الضمير، ولكن لم يكن ذلك بدون ثمن، فقد امتدت نتائج مساعي كين إلى السلطة إلى حياته الشخصية، حيث خسر زوجتيه و أصدقاءه، يعتبر النقاد فيلم المواطن كين من الأفلام العظيمة من جهة سرد القصة. والكاميرا المبدعة للمصور جريك تولاند، سجل الفيلم في لائحة حفظ الأفلام الوطنية في عام 1989. هنا ستقام أكبر وأغرب جنازة يشهدها عام 1941 لصاحب الممتلكات في خاناود، هنا في هذا الأسبوع، سيرقد صاحب أكبر نفوذ في قرننا – كوبلا خان أمريكا – تشارلز فوستر كين. شهد تاريخ الصحافة شخصيات حظيت بالحفاوة والتكريم أكثر من تشارلز فوستر كين، ويأتي في الدرجة الثانية، من بين الناشرين، جيمس غوردون بينيت الأول: اندفاعه في الحياة، الابن المنفي عن الوطن، نور ثكليف وبيفربروك إنكلترا، باترسون وماك كورميك شيكاغو. من 1895 إلى 1940 غطى كل هذه السنوات، وعاش فيها. لقطات إخبارية لـ "سان فرانسيسكو" بعد الحريق، تتبعها لقطات قطارات خاصة بمباخر كبيرة: "منظمة كين للإعلانات"، يظهر على هذه اللقطات التاريخ – 1906. لوحة فنية لقطار فوتش (يسير على السكة الحديدة) ولمفاوضي السلام، إن لم تتوفر اللقطات الإخبارية الحقيقة، يظهر على هذه اللقطات التاريخ – 1918. بونفيلو وسومير دينفر، عظيم نيويورك الراحل جوزيف بوليتزر، إمبراطورية أمريكا لمؤسسة الأنباء، محرر ومالك آخر، هبرست القوي الجبار – كلها أسماء كبيرة، ولكن لم يحب اسمها، ويكره، ويخاف منه، ويصبح حديث الناس أكثر من أسم تشارلز فوستر كين. زلزال سان فرانسيسكو، كانت صحف كين الأولى في نقل الأخبار. كانت الأولى في نقل أخبار المعونات للمعذبين، كانت صحف كين سباقة إلى نقل أخبار الهدنة العالمية – قبل منافساتها بثماني ساعات، تفاصيل كاملة حول شروط الهدنة التي منحها المارشال فوتش إلى الألمان من عربة القطار في غابة Compiegne. لم تمر قضية عامة خلال أربعين عاماً دون أن تتوقف عليها صحف كين. ولا يوجد شخص له علاقة بالشأن العام لم يدعمه كين، أو يدينه – معظم الأحيان يدعمه، ثم يدينه. إمبراطورية كين في ذروة مجدها، تدير سبعاً وثلاثين صحيفة، وثلاث عشرة مجلة، وإذاعة، إمبراطورية فوق إمبراطورية، إمبراطورية مكونة من مخازن ومستودعات لمواد البقالة، ومصانع للورق، وأبنية سكنية، معامل، غابات، وبواخر في المحيطات – إمبراطورية تدفقت فيها لمدة خمسين عاماً ثروة ثالث أغنى منجم في العالم... الأسطورة المشهورة في أمريكا هي ثروة كين... كيف ترك مقيم في عام 1868 لربة المنزل كين، ورقة أعتقدت أن لا قيمة لها، تثبت ملكيته لمنجم "كولارادو لود" مقابل الأجور التي ترتبت عليه جراء أجور الطعام والنوم في بيتها. تزوج مرتين، وطلق مرتين، في المرة الأولى تزوج من إيملي نورتون بنت أخ الرئيس، بعد أسبوعين من طلاقها تزوج كين المغنية سوزان الكسندر في تاون هول في ترينتون – نيو جرسي. بالنسبة إلى زوجته الثانية، مغنية الأوبرا سوزان الكسندر، فقد بنى كين لها دار الأوبرا التابع لبلدية شيكاغو، كلف بناء الدار: ثلاثة ملايين دولار، كان الناس يعرفون أن الدار يبنى من أجل سوزان الكسندر كين، ولكنها طلقت زوجها قبل أن ينجز النصف الثاني من الدار، أما بناء خانادو ذو الكلفة الخيالية فلم ينجز بعد. لقطة ساحرة لخانادو في مرحلتها الأخيرة تقريباً، وخانادو هي مجموعة من العقارات باهظة التكاليف بنيت على جبل، لا يمكن السماع بمثيلها إلا هي الحكايات الأسطورية. (1920). عندئذ تظهر لقطات عن التحضيرات الأولى لها (1917). لقطات للشاحنات، والقطارات الواحدة تلو الأخرى، تصدر ضجيجاً هائلاً لقطات كبيرة للرافعات والحفارات. لقطات للسفن راسية على الشاطئ تفرغ حمولاتها. تتوالى اللقطات بسرعة، بعضها معادة، والأخرى مصغرة، ثم بعض اللقطات الحقيقية (يمكن أن تكون من مشاريع السدود) كالأبنية، والحفر، وصب البيتون المسلح... الخ. مائة ألف شجرة، ومائتا ألف طن من الرخام، هي مكونات جبل خانادو، وتحتوي حديقتاها على: طيور السماء، وأسماء البحار، ووحوش الحقول، والغابات، وأكبر حديقتين للحيوانات منذ أيام نوح، أما قصر كين فيحتوي في جنباته على: الرسومات واللوحات الفنية، والتماثيل، وأحجار من قصور أخرى، شحنت من أصقاع العالم إلى شاطئ فلوريدا بواسطة السفن، ومن بيوت ومستودعات أخرى لـ كين بنيت منذ سنوات، تكفي لعشرة متاحف. المزيد من اللقطات كما في السابق، ونجد للمرة الأولى صورة (مصغرة) للجبل العملاق في مراحل مختلفة من بنائه، وهو ينهض من قلب الرمال. للقطات للفيلة، والقرود، والآس الوحشي... الخ، تجتمع في قطعان، أو يتم تنزيلها من السفن، أو تشحن... الخ وبطرق مختلفة. لقطات لتحزيم الحقائب المنزلة من السفن، والقطارات، والشاحنات وهي تحمل عليها الماركات (الإيطالية، والعربية، والصينية... الخ) جميعها بضائع مشحونة إلى: تشارلز فوستر كين – خانادو – فلوريدا, صورة صامتة لموقع خانادو الرئيسي، مجموعة من الناس يرتدون الألبسة الدارجة في عام 1917، وفي وسط المجموعة نرى كين وسوزان. شجع كين دخول بلده في إحدى الحروب، وعارض مشاركته في الأخرى، أدار على الأقل حملة انتخابية لأحد الرؤساء، وكان يدعي حشاش الأخرين. هكذا، ربما اختفت صحفه لو لم يكن لها رئيساً. كان كين يصيغ الرأي العام الجماهيري، مع أنه لم يستطع في كل حياته أن يحصل على مكتب عبر التصويت في بلاده. ولكن استطاعت فئه قليلة أخرى من ناشري الصحف في الولايات المتحدة الفوز ببعض المناصب. والبعض الأخر، أمثال عضو الكونغرس السابق هيرست، لم يركض يوماً قط من أجل أي منصب – ويعرف المراقبون السياسيون أكثر أن صحافة أحد الأشخاص يمكن أن تكون كافيه لدعمه في الانتخابات، كانت صحف كين قوية حقاً، وكانت تفوز بالجائزة تقريباً في معظم الأوقات، وفي عام 1910، رشح كين نفسه كمرشح مستقل لمنصب المحافظ يدعمه في ذلك مراكز القوى في الدولة، وربما تكون الخطوة التالية في سيرته السياسية هي البيت الأبيض. لقطة في الليل لحشد من الناس يحرقون صور تشارلز فوستر كين، ويحرقون دمى للدببة شبيهة على نحو ساخر بصورة كين، التهمتها النيران المندلعة. بعدئذ وفجأة – أقل من أسبوع قبل موعد الانتخابات – هزم ! على نحو فاضح ومخز – هزم ذاك الذي كان يدعم دواعي الإصلاح في الولايات المتحدة على مدار عشرين عاماً، لقد ألغيت إلى الأبد الفرص السياسية لتشارلز فوستر كين، وفي العام الثالث من الإحباط الكبير... أغلقت صحف الناشرين الكبار أمثال: بينيت، مونسي، وهيرست، وفي غضون أربع سنوات انهارت إحدى عشرة صحيفة، وأربع محلات تابعة لمؤسسة كين، كانت من أكثر الصحف والمجلات مبيعاً هي الولايات المتحدة. بعد ذلك ولأكثر من أربع سنوات، أستمر تشارلز فوستر كين بمفرده، بعيداً عن ضجيج الناس والمصورين، في إدارة إمبراطوريته الأيلة للسقوط، وذلك من قصره، مرتع الملذات، الذي بدأ بالتفسخ... عبثاً كان حاول أن يسيطر على مصير أمة، كما كان يفعل من قبل، لأن الأمة لم تعد تسمع إليه... أو تثق به. في الأسبوع الماضي هبط الموت ليجلس على عرض كوبلا خان أمريكا – في الأسبوع الماضي، خطف الموت تشارلز فوستر كين، كما يخطف كل الناس. صورة خاصة (بمساحة الشاشة) لكين في شيخوخته، تبقى الصورة على الشاشة (بينما تتراجع الكاميرا إلى الخلف، لتدخل غرفة مظلمة). غرفة كبيرة تملأ الشاشة طولياً، معتمة. تبقى صورة كين العجوز على الشاشة بينما تنسحب الكاميرا إلى الخلف، تدخل الغرفة، وتسجل ببطء محتويات الغرفة، تظهر هذه الحركة بعد أن يبدأ الحوار بقليل، عندما ينهض الرجال المتحدثين عن كراسيهم، يغطي خيالهم وجه كين على الشاشة.