هذا المهرجان


هذا المهرجان

 ها هو مهرجان سينما الشباب يشعل شمعته الثالثة، وها نحن نحتفي بدفعة جديدة من أفلام حققها هواة بإمكانات إنتاجية وتقنية متواضعة، ولكن بحب كبير للسينما وحماس لا ينطفئ للتعبير عن الذات، والمساهمة في هذه المسيرة الطويلة، الممتدة في عمق التاريخ، للثقافة السورية.

يعبر البعض عن دهشتهم وهم يروننا ننتج أفلاما ونقيم تظاهرات ومهرجانات سينمائية، ويسألوننا: السينما من الفنون المكلفة التي تحتاج إلى رخاء وأمان حتى تنمو وتزدهر، فكيف تستطيعون أنتم وضمن ظروف هذه الحرب الكونية الشرسة على سورية أن تتابعوا إنتاجكم، بل وأن تضاعفوا هذا الإنتاج، وتواصلوا إصدار كتبكم ودورياتكم وتزيدوا من أنشطتكم؟ فيأتي جوابنا بسيطا: لقد تعلمنا ومنذ زمن بعيد أن الثقافة ليست فعلا حضاريا راقيا فحسب، وإنما هي قلعة روحية نتحصن بها في مواجهة ما يراد لنا من خراب ودمار وموت، وهي ملاذنا الآمن مما يعد لنا من فكر ظلامي وتصحر روحي.

علاوة على ذلك فنحن نعمل كما ينبغي لنا أن نعمل دائما، أي نحسن من أدواتنا ونطور مشاريعنا ونرتقي بأنشطتنا.

الثقافة بالنسبة لنا شكل من أشكال المقاومة. وهذا ليس مجرد شعار حماسي، وإنما هو خطة عمل تسير عليها وزارة الثقافة، ومن ضمنها المؤسسة العامة للسينما، منذ بداية الحرب على سورية، بل ومنذ تأسيس كل من الوزارة والمؤسسة في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن الماضي. فنحن نعلم علم اليقين أن المستهدف هو سورية وموقعها. ليس موقعها الجغرافي فحسب، على أهميته، وإنما، وبالدرجة الأولى، موقعها الحضاري.

نعم أيها السادة، المستهدف هو عراقة الثقافة السورية والتاريخ السوري والفن السوري والأصالة السورية. لهذا فإن الثقافة المقاومة هي جزء أساس من استراتيجية الدولة في الدفاع عن بلدنا وشعبنا تجاه ما يواجهانه من أخطار، ولهذا أيضا فإن الدولة لا تبخل علينا بأي دعم نحتاجه أو عون يرتقي بعملنا، وهذا هو السر في أننا لم نتوقف يوما عن العمل والإنتاج.

بين الدورة السابقة وهذه الدورة فقدت السينما السورية واحدا من روادها: المخرج الكبير الأستاذ مروان حداد.

مروان حداد لم يكن مجرد سينمائي يصنع أفلاما هادفة وجادة، وإنما كان إضافة إلى ذلك وقبل ذلك رجل ثقافة يدافع عن قيم الفن الرفيع النظيف. ولقد أمضى سنوات طويلة من حياته، سواء في إدارة النادي السينمائي، أو إدارة المؤسسة العامة للسينما ومهرجان دمشق السينمائي، وغيرها من المناصب الحكومية أو الثقافية التي تقلدها، وهو يدافع عن مثل الحق والخير والجمال بأسلوب السينما وأدواتها.

إن المؤسسة العامة للسينما إذ تهدي هذه الدورة لاسم الراحل الكبير وذكراه العطرة، فإنما تفعل ذلك عرفانا منها بما قدمه هذا المعلم من أجل النهوض بصناعة سورية وطنية حقيقة، ووفاء لإرثه الثقافي الهام.

وفي الختام نود أن نتوجه بالشكر والامتنان العميقين للسيد الأستاذ عصام خليل وزير الثقافة على رعايته الكريمة لهذا المهرجان، وعلى كل أشكال الدعم والمؤازرة التي يقدمها للمؤسسة ونشاطاتها السينمائية.

 

المؤسسة العامة للسينما

 

 

 







مواقع صديقة

 

آفاق سينمائية

مجلة إلكترونية أسبوعية