د. منى الصبان تجارب خاصة في السينما المصرية صلاح أبو سيف هنري بركات سمير سيف علي بدرخان محمد خان منشورات وزارة الثقافة – المؤسسة العامة للسينما (116) في عام 1966 التحقت للعمل كمعيدة في قسم المونتاج – أكاديمية الفنون بالقاهرة، ومنذ ذلك التاريخ وأنا استمتع بالتدريس في هذا القسم الذي أعتبره بيتي الأول ومع تلاميذي الذين أفرح كثيراً عندما أسمع ببراعتهم وشهرتهم في عالم السينما والتلفزيون، وكانت أول دفعة أشرف على تخرجها كمعيدة مع أستاذي المرحوم سعيد الشيخ هي دفعة 1970 والتي تخرج منها – عاطف الطيب، مصطفى فهمي، وعنان نديم، وصفاء أبو السعود، وسلوى بكير وغيرهم كثيرين. كما وأنني أسعد بكل الخرجين الذين أقابلهم وهم يعملون في أي ستوديو سينمائي أو تليفزيوني أو حتى شركة فيديو وهم يرحبون بي ويفخرون بأنني التي قمت بتدريسهم فنون المونتاج في يوم واحد. لذلك كان علي ومنذ البداية وحتى أبرع في تدريس هذا الفن أن أقرأ كثيراً وأدرس كل ما يمت إليه بصلة، بل وأطلع على كل جديد يطرأ عليه وخصوصاً التكنولوجيا التي اجتاحت فن المونتاج بالذات أكثر من أي عنصر آخر من عناصر الفن السينمائي والتليفزيوني. وأفكر دائماً في طرق مختلفة لتدريسه حتى يستفيد الطلبة بل وحتى يستمتعون به وهم يدرسونه. ولذلك وفي بداية عام دراسي من سنوات التدريس والتي قاربت على الأربعين عاماً كنت أقوم بتدريس حرفية المونتاج السينمائي للسنة الثالثة تخصص المونتاج، وكان زميلي وصديقي المرحوم عادل منير يقوم بتدريس نفس المادة أيضاً للسنة الثالثة ولكن لتخصص الإخراج، فاقترحت عليه أن نضم التخصصين إلى بعض في نفس المحاضرة ونقوم بتدريس حرفية المونتاج لهم هذه المرة بطريقة مختلفة عن الطريقة التقليدية التي ننتهجها كل سنة، وهي أن نشرح لهم أهمية هذه الحرفية عن طريق شرح علاقتها ببقية حرفيات عناصر العمل السينمائي، وحتى يكون هذا الشرح أكثر عمقاً، اقترحت أيضاً أن نستضيف كل أسبوع فنان من الفنانين البارزين المختصصيين في عنصر من هذه العناصر ليتحدث عن هذه العلاقة من وجهة نظره شخصياً، وقد أستحسن الأستاذ حسين حلمي المهندس عن السيناريو. والأستاذة: صلاح أبو سيف، هنري بركات، سمير سيف، علي بدرخان، ومحمد خان عن الإخراج، والأساتذة: رمسيس مرزوق وسمير فرج عن التصوير، والأساتذة: نور الشريف وحسين فهمي عن التمثيل، والأساتذة: مجدي كامل، وجميل عزيز، وحسن الشاعر عن الصوت. وطلبنا من كل منهم أن يتحدث وبعمق عن كيف يفكر في المونتاج وعلاقته به منذ بداية عمله في الفيلم وحتى عرضه على الشاشة، وكانت الاستفادة عظيمة بالنسبة للطلبة وحتى بالنسبة لي ولعادل، بل وكانت الاستفادة الأعظم عندما شارك أستاذي المرحوم سعيد الشيخ في محاضرة الدكتور سمير سيف بملاحظاته وأراءه. ولحسن الحظ قمت بتسجيل كل هذه الأحاديث على شرائط كاسيت واحتفظت بها، ولم أكن أدرى أنها ستصل إلى حد النشر إلا بعد أن قمت بإنشاء المدرسة العربية للسينما والتلفزيون وعلى شبكة الإنترنت وتعرفت من خلالها على الإعداد الغفيرة في كل أنحاء العالم سواء المحترفين أو الهواة المتعطشين إلى الإطلاع على أي معلومة جديدة خاصة بفنون السينما والتلفزيون، عندها اكتشفت أهمية أن تصل هذه المعلومات المهمة التي تحتويها الشرائط إلى أصدقائي محبي هذه الفنون سواء من المعهد أو المدرسة أو حتى العاملين في الحقل السينمائي والتليفزيوني، فكان التفكير في تفريغها ونشرها في كتاب. ولأن الكتاب الواحد لا يتحمل كل هذه المعلومات مرة واحدة لذا كان علي أن أختار أولاً العدد المناسب من الفنانين بل والذي يجمعهم عنصر واحد من عناصر العمل السينمائي وكان القرار بأن أبدأ بفناني الإخراج والذي اعتقد أن كل منهم أدلى بمعلومات مفيدة وعميقة حقاً عن خلاصة تجاربه وعلاقته بالمونتاج. وكان خير معين لتفريغ الشرائط الأستاذ: عمرو الجوهري صديق المدرسة من الإسكندرية وقد قمت بمراجعتها وإعدادها للنشر. وعموماً أتمنى أن يكون هذا الكتاب بداية مشجعة لنشر أراء بقية الفنانين في علاقتهم بالمونتاج والأهم من ذلك أن يؤدي مهمته في توصيل معلومة مهمة لم تنشر قبلاً. يعتبر الأستاذ صلاح أبو سيف من جيل الرواد الذين اثروا الحياة السينمائية في مصر والعالم العربي ومن المخرجين الذين نتطلع إليهم كقدوة ونستطيع أن نتعلم الكثير من خطواته التي شكلت ولا تزال تشكل تجربة فينة في غاية الثراء، وفي تصوري تكمن أهمية هذه التجربة في الالتزام الكامل الذي أبداه ولا يزال يبديه الأستاذ صلاح أبو سيف تجاه عمله، هذا الالتزام الذي اتسم به معظم الفنانين من الأجيال الأولى التي علمت في المجال السينمائي، والذي أصبحنا نفتقده في الأجيال الحالية، فعلى حين كان الهدف الأساسي للأجيال الأولى، هو خلق أعمال فينة جيدة لها قيمتها الفنية والإنسانية، أصبح الهدف الأساسي للكثيرين من العاملين بالمجال السينمائي الآن مجرد جمع الأموال دون اعتبار للقيم الفنية أو أخلاقيات المهنة، غير واضعين في اعتبارهم أن الالتزام ومراعاة القيم الفنية لأعمالهم هي سبيلهم الوحيد لتحقيق أهدافهم المادية، ولا يتأتى ذلك إلا باتخاذ القدوة كالأستاذ صلاح أبو سيف، ومثله الكثيرون من الأساتذة العظام الذين يشغلون مواقع الريادة في حياتنا الأدبية والفنية، وأعتقد أن هذا السبيل سوف يجعل الأجيال الحالية تصل إلى أهدافها بشكل أفضل وأرقى. نريد أن تحدثنا عن تجربة اشتراك أكثر من فنان في وضع سيناريو، وكيف يصلون إلى اتفاق عام على موضوع واحد، ليظهر في النهاية في شكل عمل ناجح؟ صلاح أبو سيف يجيب: يوجد أساليب مختلفة لاشتراك أكثر من كاتب سيناريو في كتابة موضوع ففي أمريكا يستعينون بكتاب سيناريو متخصصين لكتابة بعض المشاهد التي يحتويها أحد الأفلام كأن يتم إسناد كتابة بعض المشاهد التي تحتوي على مواقف كوميدية أو بعض النكات وذلك بهدف التخفيف من حدة موضوع الفيلم أو يتم إسناد كتابة بعض المشاهد الرومانسية في فيلم آخر وهكذا، ولكن الإيطاليين هم الذين ابتدعوا فكرة أن يشترك عدد من كتاب السيناريو في وضع سيناريو واحد من خلال اتفاق عام في الرؤى والآراء. وقد قمت بالاشتراك مع الأستاذ نجيب محفوظ، والأستاذ السيد بدير بكتابة ما يقرب من العشرين سيناريو سواء كانت معدة من روايات أدبية أو معدة خصيصاً للسينما والفكرة العامة هي اتفاقنا في الاتجاهات وأسلوبنا في العمل هو المناقشات المطولة وكل منا يدلي برأيه إلى أن نصل إلى اتفاق عام على رأي واحد ثم يقوم أحد ما بصياغة ما توصلنا إليه ثم نستعرض ما تم صياغته ومن ثم الاتفاق مجدداً على الأخذ به أو تعديله. أشرت إلى اهتمامك لمبدأ الصدق كأساس لواقعية أفلامك، نريد أن نعرف كيف كان يلعب المكان دوراً في السيناريو فمثلاً في فيلم البداية كان المكان عبارة عن صحراء ورغم أنها لم تظهر بوعورتها إلا في لقطات قليلة جداً غلفتها في إطار جمالي من خلال استعمال رموز تعبر عن أفكار الفيلم. يجيب صلاح أبو سيف كان اختيار الصحراء تعبيراً عن بناء المجتمع الذي تدور حوله فكرة الفيلم من البداية وكان بالإمكان استبدال الصحراء بجزيرة مثلاً، إلا أن اهتمامي الأكبر كان بموضوع الفيلم الذي يجتمع فيه هؤلاء الأشخاص الذين يأتون من خلفيات مختلفة ويشكلون جانباً من فئات المجتمع في مكان ما وما يدور بينهم من صراعات طبيعية في سبيل خلق مجتمع جديد يحاول مواجهة الشخصية التي تستغل كل شيء من الحاجة والجهل وحتى الدين للوصول إلى مكاسب شخصية وكيف يتصدى المجتمع الجديد لمحاولاته في رد فعل من جانب أفراده لإرساء قواعد الديمقراطية الحقة التي نحلم بها. كيف يستطيع المخرج أن يصل بالمتفرج العادي لفهم العمل على المستوى الفني؟ يجيب صلاح أبو سيف أنا لا اعتقد كبداية في وجود ما يسمى بالمستوى الفني أو غيره أو مستوى الجمهور أو كل هذه مصطلحات ابتدعها الناس لتبرير فشلهم في إيصال أعمالهم إلى الجماهير، فالسينما منذ أن ظهرت وهي فن شعبي لابد أن يفهمه كل فرد من أفراد الشعب، فمثلاً لو خاطبتكم الآن باللغة الألمانية يجوز أن يفهم كلامي فردان أو ثلاثة منكم والباقي لن يفهم برغم أنني قد أكون بليغاً جداً في كلامي وأتحدث في موضوع على درجة كبيرة من الأهمية فلابد وأن أعلم تماماً أن أغلبكم يتحدث اللغة العربية ولابد وأن أحدثكم باللغة التي تفهمونها. فالعمل الفني الجيد لابد وأن يفهمه الجمهور وبالتالي يقبل عليه فيربح منتجوه، أما أذا لم يحدث إقبال من الجمهور فلا يعني ذلك سوى وجود خطأ من المخرج أو من السينارست أو حتى من زمن عرضه فهناك أمثلة لأفلام تم عرضها في وقت ما ولم تجد الإقبال من الجماهير ثم عرضت بعد ذلك ولاقت الإقبال ولكن هذه ليست القاعدة فلا يمكن أن يتم إنتاج فيلم على أمل أن يلاقي الإقبال بعد عشرة أعوام من تاريخ إنتاجه. الفهرس..... - مقدمة.... - المخرج صلاح أبو سيف..... - المخرج هنري بركات.... - المخرج سمير سيف..... - المخرج علي بدرخان.... - لمخرج محمد خان.....