فوريست جومب

الإصدار: العدد مائة وتسع و ثلاثون

فوريست جومب

ريشة في الهواء, تلاعبت بها رياح الأقدار فأوقفتها عند تلك المحطات

اسم الفلم: Forrest Gump نوع الفلم : كوميدي | درامي | رومانسي إخراج : Robert Zemeckis قصة : Winston groom | سيناريو : Eric Roth بطولة : Tom hanks | Robin wright | Gary sinse | Sally field ريشةٌ, تطير في الهواء, عالياً في السماء, تتلاعب بها الرياح فلا تعلم مصيرها, أين ستحط ؟ هنا أم هناك ؟ رجل خمسيني من رجال الأعمال أراد عبور الشارع, تقف على كتفه لوهلة ثم تكمل طريقها, تمر سيارة شفرولية, تتجاوزها, لينتهي بها المطاف على الناحية الأخرى من الشارع, عند حذاء رياضي ملطخ بالوحل, يلتقطها صاحب هذا الحذاء, المنتظر في محطة الباصات, فيخبئها في كتاب أصفر, ربما كان هذا هو مصيرها .. هكذا يبدأ فلم (فورست جامب) .. في هذه الأثناء يقف أحد الباصات لتنزل منه زنجية أربعينية, فتجلس بالقرب من صاحب الحذاء لتنتظر باصاً آخر, فيرحب بها قائلاً: "لابد من أن حذاءُكِ مريح .. أراهن أنه يمكُنِك المشي به طوال اليوم ولا تشعري بشيء .. أتمنى لو كان عندي حذاء مثله .." فتقاطعه: "لقد تعبت قدماي.." يكمل:" كانت تقول لي أمي دائماً أنه يمكنك معرفة الكثير عن المرء من حذاءه, إلى أين يذهب .. وأين كان ...... لقد ارتديت الكثير من الأحذية .. بعضها كان مؤلما .." جبهته العريضة, وجهه الباهت, طريقته المتقطعة في الكلام, أسلوب ترحيبه وحديثه عن أمه, كل شيء في هذا الرجل يبوح بالغباء, بل لباسه الرسمي مع حذاءه الرياضي هو الغباء بعينه, يبدو أن أمه كانت صادقة فعلاً, يمكنك أن تعرف الكثير عن المرء من حذاءه. يسكت لبرهة, يعبس وجهه, يريد أن يتذكر امراً معيناً, فيستطرد قائلاً: "قالت لي أمي أنه يمكنه أن يأخذني إلى أي مكان" .. فلاش باك .. عندما كان فورست في السابعة, كان يستخدم دعّامات لساقيه لأنها تقوّم ظهره المنحني, بالرغم من بروز عضلات رجليه, إعاقته الجسدية تلك كانت سبباً في أن يكون عرضة للسخرية كل يوم. يعيش فورست وأمه في مقاطعة (جرين بو) في بيت كبير ورثه عن جد جد جده كما يقول, به العديد من الغرف الشاغرة, فكانت والدة فورست تؤجر تلك الغرف للمسافرين, وفي الأحد الأيام أجّر شاب معه جيتارإحدى الغرف, وأثناء عزفه, تسلسل فورست لغرفته, فأدى رقصة مجنونة بساقيه المدعّمتان أعجبت الشاب, وذات ليلة عندما كان يتسوّق فورست مع والدته, مر أمام محل يبيع التلفزيونات فوجد نقلاً حياً لذلك الشاب وهو يؤدي رقصته المجنونة في إحدى الحفلات والجمهور يهتف له بأعلى صوته, كان ذلك الشاب هو المطرب الشهير الملقّب بالملك (ألفيس برسلي) وهو يؤدي رقصة فورست جامب, مبتكر أشهر رقصة. يقول فورست: "قالت أمي دائماً إن المعجزات تحدث كل يوم, البعض لا يعتقد بذلك, ولكنها تحدث" .. ذات يوم رشق ثلاثة من المستهترين فورست بالحجارة اصطدمت إحداها بمؤخرة رأسه, التفت, فأخذ أخرى على وجهه, سقط, ساعدته صديقته الوحيدة (جيني) على الوقوف صارخةً به: "إجرِ فورست .. إجرِ" فحاول الهروب, ولكن الدعّامات يمنعانه من ذلك, لحقوا به على دراجات, يركض, يحاول أن يزيد من سرعته, وبالفعل تحدث معجزة, تتفكك الدعّامات قطعة قطعة, فينطلق كالريح, لم يكن يعلم فورست إن اضطهاد المستهترين له سيرجع عليه بالخير بالمستقبل القريب.. بعد مرور عدة أعوام, كبر فورست وارتاد الجامعة, ملاحقة المستهترين له أصبحت هواية, ولكن هذه المرة ليست على دراجة, بل بعربة نقل, وأثناء ملاحقتهم له, يتسلسل فورست إلى مباراة لكرة القدم الأمريكية في الجامعة, فيلمح المدرب سرعته الرهيبة, فيصر على أن يدخله بفريق الجامعة .. فورست جامب بسبب الدعّامات, أصبح مبتكر أشهر رقصة, وأفضل لاعب في الجامعة, , ولكن على هذه السجية يصبح فورست بطلاً قومياً, وأفضل لاعب تنس طاولة في أمريكا, وثري دون أن يعرف الفكر الرأسمالي. فورست جامب, الغبي وصاحب الإعاقة الجسدية, لم يكن ينوي أن يبتكر أشهر رقصة, ولا أن يكون أفضل لاعب في الجامعة, ولا بطلاً قومياً يمجدّه التاريخ, ولا أشهر لاعب تنس طاولة, ولا حتى أن يكون ثرياً, فورست جامب, كان ريشةٌ تلاعبت بها رياح الأقدار فأوقفته عند تلك المحطات .. تلك الريشة لم تستقر في الكتاب الأصفر الذي حفظه به صاحب الحذاء الملطخ بالوحل, بل سقطت سهواً, وطارت في الهواء, عالياً في السماء, لا تعلم مصيرها. أين ستحط ؟ من يعلم .. وما الذي نعلمه عن القدر الذي ينتظرنا ؟

عن محمد نجد .







مواقع صديقة

 

آفاق سينمائية

مجلة إلكترونية أسبوعية