كوكب سينمائي يرحل.. نادر بك الأتاسي.. وداعاً


كوكب سينمائي يرحل.. نادر بك الأتاسي.. وداعاً

خاص آفاق سينمائية

يرحل نادر بك الأتاسي عن 97 عاماً ، بعد زمن حافل بالعطاء والإبداع في مجالي الهندسة والسينما، كان الأتاسي مهندساً وصاحب وجود خاص في نشاط الإنشاءات المعمارية على كامل التراب الوطني وفي الدول المحيطة منذ أواسط القرن العشرين، وكان أحد شيوخ هذا الكار في سورية، وبالتوازي مع مهنته في الهندسة، عشق الفن وخاصة السينما، فكان صاحب تجربة سورية وعربية خلاقة، تعاون مع عدد من السينمائيين والفنانين السوريين لإطلاق المرحلة الأهم في تاريخ سورية السينمائي من حيث الكم، وكانت بداية هذه المرحلة بإنتاجه فيلم "عقد اللولو" مع الفنانين دريد لحام ونهاد قلعي، ثم تتالت انتاجاته السينمائية حتى وصلت إلى فرنسا بفيلم"Un Dimanche De Flics"، والفيلم الكندي "Sauve-Toi, Lola" (باللغة الفرنسية) العام 1986. تميز بحبه الشديد للتجربة الرحبانية في لبنان, و كان يعتبرها من أهم التجارب الموسيقية العربية, فانتج بالتعاون مع " عاصي و منصور الرحباني" و من بعدهما " غدي" كل الظهورات السينمائية الرحبانية. و كانت على التتالي "بياع الخواتم" العام 1965، "سفر برلك" العام 1966، "بنت الحارس" 1967. و بعد انتظار طويل قدم رابع تجربة رحبانية له و هو فيلم " سيلينا " المأخوذ عن مسرحية " هالة والملك" الذي بقي في باله عقوداً , و أجاب الاتاسي عندما سؤل عن سبب إنتاجه سيلينا في إحدى المقالات المنشورة في جريدة تشرين بقوله" إن كل مشاهد سوف يجد شيئاً يخصه في هذا الفيلم ويضيف منذ أن رأيت مسرحية «هالة والملك» وأنا أتمنى أن أراها فيلماً سينمائياً غنائياً كبيراً ومن أجل هذه الأمنية فاتحت الرحابنة بالأمر منذ ثلاثين سنة ولكن الظروف كانت دائماً تحول دون ذلك وفي العام الماضي كتب منصور غدي الرحباني سيناريو هذا الفيلم فأرسلته إلى المخرج حاتم علي في المغرب وقلت أنا متمسك بهذا السيناريو ومتمسك بالفنانة الشابة ميريام فارس بطلة للفيلم، فقال لي أمهلني عدة أيام وبعدها جاء وقال إن السيناريو ممتاز ولا يحتاج إلى تعديل وميريام اختيار موفق". كان في أحد وجوهه الإبداعية مغامراً من الطراز الاول, ففي الوقت الذي كانت تعاني منه دمشق من قلة الصالات السينمائية و تراجع العديد من الملاك عن استثمارها وتحديثها, قام عام2009 بتحديث صالة سينما دمشق التي يمتلكها و أسس مجمعاً سينمائياً يضم صالتين حديثتين تماثلان أحدث صالات السينما العالمية, و قد تم افتتاحها بفيلم " سيلينا " في حينه. ألف كتاب ( حياتي ثلاثية الأبعاد ) لخص فيه سيرته الذاتية على امتداد ما يقارب التسعين عاماً و نشر في دمشق.

كتبت الزميلة أمينة عباس عنه بمناسبة إصدار الكتاب : "بداية عمله من خلال صالات السينما في حمص التي أضحى فيها شريكاً حين أسس عام 1959 سينما حمص التي كانت بداية مشروعه السينمائي الخاصّ لينطلق بعدها في مشروعه لامتلاك أكبر عدد من الصالات في مناطق مختلفة من سورية، وليصبح خلال ثلاث سنوات (1958-1961) صاحب الكلمة الفصل في نصف صالات سورية ، موضحاً في كتابه أنه وبعد تملّكه لصالات في حمص وحلب واللاذقية كان لا بدّ من أن يكمل المجموعة بصالة في العاصمة تكون كما سابقاتها إن لم تفقهم ضخامة، فوقع اختياره على سينما دمشق التي كانت مفتتحة منذ العام 1947 ليبدأ عام 1961 باستثمارها، ومن ثم تحديثها ومواكبة التطور الحاصل في السينما العالمية والأميركية لتكون أحدث وأفخم دار سينما في سورية ولبنان، مشيراً الأتاسي في كتابه إلى أن افتتاح هذه السينما كان في العام 2009 بفيلم “سيلينا” من إنتاجه والمأخوذ عن مسرحية “هالة والملك” للأخوين رحباني. كما يبيّن في كتابه كذلك أنه وبعد أن أصبح مالكاً لنصف عدد صالات السينما في سورية فكّر في خوض مجال إنتاج الأفلام التي ستُعرَض في صالاته، فكان فيلمه الأول “يا سلام على الحب” الذي حقق نجاحاً كبيراً، وشكل هذا الفيلم بداية ناجحة له لدخوله في مجال الإنتاج السينمائي، لتتتالى بعد ذلك إنتاجاته لعدد من الأفلام في لبنان وسورية، وقد كانت حسب اعترافه في الكتاب ذات طابع تجاريّ، ليتوّج ذلك عام 1964 بفيلم “عقد اللولو” بطولة صباح وفهد بلان والذي لاقى نجاحاً كبيراً فاق كلّ تصور. فيروز والأخوين رحباني ويشير الأتاسي إلى أن بداية تعاونه مع فيروز والأخوين رحباني كان من خلال فيلم “بياع الخواتم” الذي أصبح من أجمل أفلام السينما العربية إلى جانب ما تتالى من أفلام أخرى مثل “سفر برلك- بنت الحارس”، مبيناً أنه وفي مطلع الثمانينيات عاد والتقى بدريد لحام الذي كان قد أنجز مشروعاً سينمائياً جديداً تحت عنوان “الحدود” وقد وافق على إنتاجه فنجح نجاحاً غير مسبوق على الصعيد الفني والتجاري، الأمر الذي سهّل عودة الأتاسي إلى دريد لحام في فيلم حمل عنوان “التقرير” عام 1986 وفيلم آخر للأطفال “كفرون” عام 1990. الطريق إلى هوليود تحت هذا العنوان يشير الأتاسي إلى أن أبواب السينما العالمية انفتحت له وقد جاءت الخطوة الأولى في مدينة كان من خلال فيلم “حب مع الأبراج” الذي عُرِض في خمسين دار عرض في بريطانيا، لتكون الخطوة الثانية فيلم “كسّارة البندق” عام 1982، أما الطريق إلى هوليود فيبيّن أنه بدأ بإنتاج فليمين عاديين من النوع الخفيف استعداداً لإنتاج الفيلم الضخم “سيد الوحوش” عام 1982 والذي عُرِض في نحو 1000 صالة في أنحاء أميركا محققاً نجاحاً كبيراً. وبعد سلسلة من الأفلام الباريسية التي أنتجها الأتاسي أيضاً يوضح أنه وبعد فترة من الزمن راوده إنتاج فيلم حول جبران خليل جبران ليقرر بعد ذلك تحويل هذا المشروع إلى مسلسل خصّه بميزانية ضخمة وبأفضل العناصر فاختار نهاد سيريس كاتباً للسيناريو ومحمد فردوس أتاسي مخرجاً له ليُعرَض عام 2007 ومازال يُعرَض في عدة محطات تلفزيونية ليكون فيلم “سيلينا” الذي أُنتِج عام 2009 بتوقيع المخرج حاتم علي ختام مسيرته في عالم السينما الذي أحبه وقد كان –كما يختم به كتابه- مصدر سعادته







مواقع صديقة

 

آفاق سينمائية

مجلة إلكترونية أسبوعية