مهرجان دمشق السينمائي الدولي وقائع وألبوم وذكريات


مهرجان دمشق السينمائي الدولي وقائع وألبوم وذكريات

منشورات وزارة الثقافة – المؤسسة العامة للسينما (106)

إعداد: محمود عبد الواحد

يشكل الاحتفاء بالثقافة، في مجتمع ما، أهم علامة من علامات المدينة والحضارة، وليس غريباً على سورية، حاضرة المتنبي وأبي علاء المعري وأبي فراس الحمداني أن تولي الشعر والقصة والمسرح والسينما هذا الاهتمام الكبير. لقد سعت الدولة السورية الفتية، بعد الاستقلال، لأن تكون لها كل مقومات الدولة المستقلة العصرية، فبدأت ترسي دعائم المجتمع الحديث بمفرداته الفنية والثقافية التي تشكل السينما واحدة من أهمها. يؤكد المخرج والناقد السينمائي السوري الأستاذ صلاح دهني أن أول مهرجان سينمائي يعقد في سورية، بل وفي الوطن العربي، هو ذلك الذي عرفته دمشق عام 1956، وجرت وقائعه ضمن فعاليات معرض دمشق الدولي الثالث. يقول: (... ولبت دعوتنا أيامئذ ثلاث عشرة دولة من بينها فرنسا وانكلترا وإيطاليا، وكذلك الهند. ومن بين الدول العربية مصر، مع جميع دول المنظومة الاشتراكية ومنها يوغسلافيا، وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي، واستمر المهرجان أسبوعين كاملين من الثاني من أيلول وحتى يوم 14 منه، وأذكر أن أول عرض للفيلم السوفييتي الكبير /عطيل/ جرى ضمن إطار مهرجان عام 1956، بطولة بوندارتشوك الذي استضافه المهرجان آنذاك، وشاركت بريطانيا بفيلمين كان أحدهما /ريتشارد الثالث/ بطولة لورنس أوليفييه، وشاركت الهند بفيلم جيد أسمه /فاصل الحياة/، ورومانيا بواحد من أفضل أفلامها آنذاك أسمه /الرجل الغامض/. وقد وافتنا كل دولة بفيلم قصير عرض إلى جانب الفيلم الطويل. وتمت العروض كلها في صالة سينما الفردوس التي استأجرتها إدارة المعرض لهذه الغاية، وقام بافتتاح المهرجان رئيس مجلس الوزارء ورحب بنفسه بضيوف المهرجان الذين لم يتجاوز عددهم الثمانية). للأسف لم تعرف دمشق سوى هذه الدورة اليتيمة من مهرجانها، واضطرت للانتظار ستة عشر عاماً إلى أن عادت الفكرة مرة أخرى عام 1972 عندما عقد (مهرجان دمشق الدولي الأول للسينما الشباب). (انعقد المهرجان ما بين 2/8 نيسان 1972. شاركت فيه بأفلامها الطويلة والقصيرة تسع دول عربية وضم منتخبات من أفلام أمريكا اللاتينية، وقد تميز بمستوى جيد من الوضوح الفكري، ونظمت خلاله ندوات يومية لمناقشة الأفلام، ونظمت ندوة خاصة طرح فيها موضوع السينما الشابة والمغزى من فكرة السينما البديلة التي طرحت لأول مرة في هذا المهرجان أيضاً. وجرت عروض داخل وخارج المسابقة حركت الجو السينمائي والثقافي بعمق، وساعدت على بلورة كثير من الأفكار في أذهان الجمهور. رأس لجنة التحكيم المخرج السوفياتي الشهير يوري أوزيروف مخرج الفيلم الضخم /التحرير/ وشارك فيها إضافة إلى مدير عام المؤسسة /حميد مرعي/، يوسف العاني من العراق، وبرسيل مدير مهرجان كارلو فيفاري، وسمير فريد المصري، والفرنسيان مارسيل مارتان وغي هنبيل، والتونسي الطاهر الشريعة مؤسس ومدير مهرجان قرطاج السينمائي آنذاك، وخلال الندوات واللقاءات التي توبعت في صالة سينما السفراء ثم في فندق قطان تبلورت فكرة إيجاد /اتحاد نقاد السينما العرب/ التي برزت إلى الوجود وتكون الاتحاد لكن ظروفاً عديدة عصفت به وأفقدته معناه ومبغاه في الفترة اللاحقة). لم يقيض لهذا المهرجان أيضاً أن يستمر، وكان ينبغي أن نتتظر حتى عام 1978 حيث ولدت مجدداً فكرة إقامة مهرجان سينمائي دائم، وتم تشكيل لجنة لصياغة النظام الأساسي للمهرجان بحيث يوفق هذا النظام الأساسي للمهرجان بحيث يوفق هذا النظام بين الطموحات والإمكانات، واستعرضت اللجنة الداخلية لكثير من المهرجانات السينمائية العالمية، وجاء هذا النظام مفتوحاً في خطوطه العريضة لمزيد من التطوير والاتساع، وبحيث يكون مهرجان دمشق شقيقاً لمهرجان قرطاج السينمائي، ونص النظام الأساسي للمهرجان على النقاط التالية: - أهداف المهرجان: مهرجان دمشق السينمائي مهرجان ثقافي فني، ينعقد مرة كل عامين في شهر تشرين الأول (أكتوبر) ويهدف إلى: 1- تطوير السينما الوطنية العربية والنهوض بها، ودعم اتجاه السينما الشابة الملتصقة بواقع الجماهير، والمعبرة عن قضاياها وتطلعاتها الأساسية. 2- تدعيم الاتجاهات الجادة في السينما الآسيوية بشكل خاص، وسينما العالم الثالث بشكل عام، والتعريف بها. 3- خلق علاقة متجددة بين السينما والسينمائيين من جهة، والجمهور من جهة أخرى. 4- بناء جسور ثقافية وفكرية بين السينمائيين العرب من جهة وبينهم وبين السينمائيين في بلدان العالم الثالث والعالم من جهة أخرى. 5- تنفيذ مهمات ثقافية وفنية وتربوية والإسهام في نشر الثقافة السينمائية. نشاطات المهرجان: يتضمن مهرجان دمشق السينمائي: 1- مسابقة الأفلام الروائية الطويلة. 2- مسابقة الأفلام القصيرة... بأنواعها. 3- العروض الإعلامية. 4- سوق الفيلم الدولي. 5- لقاءات.... ندوات... نشاطات متنوعة. شروط الاشتراك في المهرجان: 1- اللغة الرسمية هي العربية، ويشترط في الأفلام المشاركة أن تحمل ترجمة مكتوبة بإحدى اللغات الثلاث (العربية – الإنكليزية – الفرنسية). 2- تقبل في المهرجان الأفلام الطويلة قياس 35 مم والقصيرة قياس 16 و 35 مم صوت ضوئي. 3- تقتصر المسابقة على الأفلام العربية والآسيوية التي لم يمض على إنتاجها أكثر من سنتين، ولم تشارك في مهرجان سابق، باستثناء بعض الحالات الخاصة. 4- لا يجوز لأي بلد الاشتراك بأكثر من فيلمين روائيين في مسابقة الأفلام الطويلة، وفيلمين قصيرين في مسابقة الأفلام القصيرة. 5- لا يجوز لأي بلد الاشتراك بأكثر من فيلم طويل وأكثر من فيلم قصير خارج المسابقة. 6- على الجهات المشتركة في المسابقة تثبيت اشتراكها قبل شهرين من موعد بدء المهرجان، على أن تصل الأفلام قبل شهر واحد على الأقل من بدء المهرجان. 7- تقع على عاتق اللجنة الدائمة للمهرجان مباشرة أو عن طريق التفويض مهمة انتقاء الأفلام للمهرجان وبرمجتها سواء داخل المسابقة الرسمية أو خارجها. 8- يجوز للمدير العام للمهرجان قبول بعض الأفلام في حالات خاصة. 9- تعبر إدارة المهرجان عن امتنانها للجهات المشتركة لو رغبت في تقديم نسخة من بعض أفلامها المشتركة كهدية لصالح أرشيف الفيلم الوطني في سورية. 10- ترسل الأفلام والمواد الخاصة بالمهرجان وجميع المراسلات إلى العنوان التالي: دمشق – المؤسسة العامة للسينما. لجنة التحكيم: 1- تتألف لجنة التحكيم الدولية من سبعة أشخاص يمثلون مختلف جوانب الفن السينمائي. 2- تقترح اللجنة الدائمة للمهرجان أسماء أعضاء لجنة التحكيم وتصدر بقرار من وزير الثقافة والإرشاد القومي. 3- لا يجوز أن يكون عضواً في لجنة التحكيم كل من ساهم في تحقيق فيلم مشترك في إحدى مسابقتي المهرجان. 4- لا يحق لأعضاء لجنة التحكيم إعطاء أية تصريحات إعلامية تتعلق بمستويات الأفلام خلال فترة انعقاد المهرجان. الجوائز: 1- تمنح لجنة التحكيم الدولية الأفلام الفائزة في كل من مسابقتي الأفلام الطويلة والقصيرة ثلاث جوائز: الجائزة الذهبية – الجائزة الفضية – الجائزة البرونزية. 2- تمنح لجنة التحكيم جائزة خاصة للعمل الأول وذلك دعماً لسينما الشباب. 3- يمنح كل فيلم يشترك في المهرجان شهادة مشاركة. وصدرت عن هذه اللجنة أيضاً وثيقة أفكار ومبادئ سميت /وثيقة من مهرجان دمشق/ جاء فيها: (/من أجل سينما متقدمة ومتحررة/ شعار كان يبدو في السبعينيات طموحاً نظرياً لا تعززه إلا الرغبة الحارة والحقيقية في صناعة سينما تقيس ذاتها بأحلامها، إذ لم يكن القياس مع معايير السينما العالمية وارداً... ولكن لم يكن هناك أيضاً ما يمنع أن تساوق قامة الحلم (بكونه حلماً) أعلى المطايا؟ ... كان الرهان، منذ اللحظة الأولى لولادة طفل سينمائي جميل، كما كل الأطفال في آسيا اسمه (مهرجان دمشق السينمائي)، أن يكون لنا منبرنا المشرع على كل الجهات كي يسمع العالم صوتنا، وكنا نظن دائماً – ما أثبته اللحظة المعاصرة – أنه يكفي أن تعرف كيف تتحدث عن نفسك جيداً، كي يسمعك الناس بشكل جيد.... ومن هنا كان المنطق... من أن نضم أصواتنا المخلصة لفنها ولقضاياها في هذه البقعة الحارة من العالم، ونقرأ عليه خطابنا ومشروعنا المتضمن رغباتنا وأمانينا ونظرتنا إلى مستقبلنا ومصائرنا... وبالتالي مستقبل ومصير العالم من حولنا. .... ولم نكن يومها واهمين... بل كنا واثقين أننا نضع قدماً طيبة على الطريق الصحيحة... بدأنا نتعلم من بعضنا المسير كي نواكب عالماً يركض دون أن يسبقه إلا لهاثه؟ ... كان التحدي كبيراً... وكنا في سورية – نحن أصحاب المهرجان وآخر ضيوفه – ندرك أننا طرحنا قضيتنا وصنعنا الرأي حولها... وأن لزاماً علينا بالتالي أن نكون روادها ومبلغيها... لهذا كانت سينمانا تلتصق بمهرجانها التصاق الجنين بأمه، وعبر ذلك الجيل السري كان نبض الحياة يتبادل الإيقاع في انسجام كبير. ... كنا نكبر بكبر مهرجاننا، ونفتح عيناً جديدة على الدنيا كلما اتسعت دائرته وكان إصرارنا دائماً أن يكون لتجربتنا السينمائية في سورية التي تصنعها المؤسسة العامة للسينما خواصها المختلفة ومصنعها المختلف، وأن نصنع أفلاماً جادة ونظيفة ذات مستوى يليق بنا... ويليق بمهرجان دمشق. وها نحن بعد برهة قصيرة من عمر الفن... نصل حلمنا بالواقع أو ن







مواقع صديقة

 

آفاق سينمائية

مجلة إلكترونية أسبوعية