ميخائيل روم الأعمال المختارة في ثلاثة أجزاء الجزء الثالث


ميخائيل روم الأعمال المختارة في ثلاثة أجزاء الجزء الثالث

ترجمة: يونس كامل ديب

منشورات وزارة الثقافة – المؤسسة العامة للسينما (104) إن الجزء الثالث من "المؤلفات المختارة" لميخائيل إيليتش روم مكرس لرصد نشاطه التعليمي. لقد درس م. روم في معهد الفغيك طوال عشرين عاماً – منذ عام 1949 حتى أواخر أيام حياته (مع انقطاع امتد من عام 1963 – 1965) – وأجرى بشكل متواز في موسفيلم حلقات بحث، وأشرف بمهارة على الصفوف العليا للإخراج والسيناريو، وقام بالعديد من المحادثات المتعلقة بمسائل الإخراج السينمائي في اتحاد السينمائيين. لقد تخرج من حلقات م. روم في معهد الفغيك أولئك المخرجين السوفيت المعروفون من مختلف الأجيال أمثال ت. أبولادزي، و ف. باسوف، و غ. تشوخراي، و ر. تشخيرزي، و أ. تاركوفسكي، و أ. ميخالكوف – كونتشالوفسكي، و أ. سميرنوف، وغيرهم. ودرس على محاضراته المتعلقة بفن الإخراج كل من ش. عباسوف، و غ. دانيليا. هذه القائمة المختصرة بعيدة عن أن تشمل تلاميذه المباشرين كلهم. هذا وتحوز محاضرات م. روم المختزلة وأحاديثه مع الطلاب على اهتمام كبير، لأنها تفتح أسوار مهارته، وتسمح لدائرة واسعة من القراء بالمشاركة في العملية التعليمية. يحوي التراث الأدبي لـ م. روم بالإضافة إلى مواد أخرى على 4000 صفحة مطبوعة من المحاضرات المختصرة خلال مرحلة امتدت من عام 1954 إلى عام 1971، ومحفوظة لدينا في الأرشيف المركزي، وتتمثل أهمية محاضرات روم في أن محتواها الأساسي لا يتعلق بالمسائل المهنية الضيقة فقط. وإنما يمتد أيضاً ليشمل الاهتمام بالمسائل العقائدية، ومكانة ودور الفنان في هذه الحياة السريعة والصاخبة. لم تختزل للأسف كل الدروس، ولم تصل جميعها إلينا. غير أننا تمكنا في نهاية المطاف من الحصول على تسجيل متتابع ومتسلسل لمحاضراته إلى حد ما. فقد تم في هذا الجزء اختيار تلك المحاضرات التي تجسده تجسيداً كاملاً كمعلم ومرب. وبما أن روم قد قام بتدريس نفس المقرر في مختلف الصفوف وهو – أسس الإخراج السينمائي – فإن هذه المحاضرات كانت تتقاطع بشكل جزئي. حيث كانت هناك دائماً دائرة من المسائل، التي كانت تبقى في مركز اهتمامه. كان يستعمل بشكل مستمر مجموعة من الأمثلة الأدبية والسينمائية المفضلة لديه، والتي كانت تعزز تأكيداته وتحليلاته وتقود الطلاب إلى نتائج محددة، ومع ذلك لم تتكرر أي محاضرة من محاضرات م. روم من حيث الجوهر، لأن معالجة روم لكل موضوع في عرضه الدوري كانت تختلف، وتعرض بشكل جديد. لذلك أدرجنا في هذا الجزء مادة تشبه في بعض الأحيان من حيث المعنى مجموعة من الأمثلة المأخوذة عن مقتطفات مصورة سابقاً، بيد أنها من حيث المحتوى تعتبر تطويراً لأفكار م. روم الإخراجية الأساسية. أما القسم المتبقي من هذا الجزء فيضم المحاضرات التي نشرت سابقاً في معهد الفغيك، والتي أكمل بعضها على أساس التسجيلات المختزلة والمحفوظة في الأرشيف المركزي. لقد انطلق معدوا هذا الجزء وهم ينشرون هذه المواد من فكرة أنه من المستحيل التضحية بعضوية العملية التعليمية الكاملة، واقتراح حزمة من المقتطفات المنزوعة من محاضرات مختلف السنوات للقارئ. لقد تم الاتفاق على أن يكون أساس هذا الجزء مؤلفاً من تلك المحاضرات المنجزة بشكل كامل، ومطبوعة وفق تسلسلها الزمني الذي ألقيت من خلاله أمام صف واحد. ظهرت لدي اختيار مواد هذا الجزء صعوبات محددة. كانت لدينا رغبة للوهلة الأولى ببناء هذا الجزء بصورة رئيسية من محاضرات أعوام الستينات التي تشير إلى انطلاقة جديدة لإبداع م. روم. ولكن ألم يصرح م. روم مرات عديدة عن كسر إرشاداته المهنية في هذه المرحلة. فعلى سبيل المثال، في نهاية هذا الجزء، وفي الصفحة 522، يجد القارئ تلك السطور: "... لو أخذت محاضراتي في معهد الفغيك خلال أعوام طويلة، وقد كانت تختزل بشكل منظم، - يقولون أنها ممتعة كثيراً، - أما بالنسبة لي فهمي غير مقبولة، إنني مستعد اليوم لمعارضة كل ما كتبته، لأن كل شيء قد تغير بشكل كبير...". لقد صدرت هذه الكلمات عن روم في 15 أيلول عام 1971، أي قبل وفاته بشهر ونصف. ولكن، ربما سمح لنا هذا التدبير الحازم بالذات لدى اختيار المحاضرات أن نفرز ما كان يعود إليه بشكل حتمي أثناء أبحاثه كلها. لقد أظهر تحليل أحاديثه المسجلة، أن سلسلة من المحاضرات المكتوبة في أعوام الخمسينات تجيب بدرجة كبيرة على هذه المتطلبات. وتتميز في الوقت نفسه بكمالها وتمامها وتنوع مواضيعها بشكل كف. لقد حمل م. روم معه لطلاب معهد الفغيك في نهاية الأربعينات تجربة عملية هامة، لأنه وضع لنفسه في ذروة الأزمة الإبداعية التي حدثت أنذاك، هدفاً هو التفكير بطريق خاص للفن وبالقوانين العامة للسينما، بغية التحرك إلى الأمام. وكأن العمل مع الشبيبة كان أحد السبل لمثل ذلك التفكير. تحمل سلسلة المحاضرات التي ألقاءها م. روم في أعوام الخمسينات طابعاً أكاديمياً صارماً وثابتاً بشكل نسبي من حيث البناء. "إنني أبني محاضراتي عادة على الشكل التالي: انطلاقاً من الفن التمثيلي مجسداً بالعمل التمثيلي. والبناء التمثيلي وصولاً إلى اللقطة وتركيبها في النهاية"، - هكذا تكلم عن أسلوبه التعليمي في إحدى المحاضرات التي ألقاها أمام صفوف السيناريو العليا (21 آذار عام1963. الأرشيف المركزي). إن مجموعة المحاضرات المطابقة كاملاً لهذا التوصيف، وقد ألقيت في معهد الفغيك عام 1954، وكانت الأكثر كمالاً وتناسقاً، وغنى من حيث المحتوى من كل ما بقي وتم حفظه. لذلك أخذت كأساس في هذا الجزء. لقد أخذ روم بالرغم من تقييمه القاسي، موفقاً متساهلاً من محاضراته في أعوام الخمسينات بالنسبة لمحاضراته الأخرى. وتشهد على ذلك موافقته على تكرار إصدارها في معهد الفغيك في 1960 – 1961، في الوقت الذي تم فيه اختزال عدد من المحاضرات الجديدة، الملقاة في المعهد وفي أمكنة أخرى. وفي الحقيقة كان يجب لتدعيم هذه السلسلة التي ألقيت في عام 1954 – 1955، إضافة عدد من المحاضرات التي تم إلقاءها عام 1956 – 1957. وكان يجب بآن واحد كشف التطور الإبداعي لـ م. روم أمام القراء، وإظهار الكيفية التي ناقش فيها نتاجه من خلال الممارسة التعليمية الملموسة، متحفظاً لدى ذلك بمبادئ فكرة الغنية التي أعلنها حول الواقعية. ولهذا الهدف وضع فصلان ختاميان لهذا الجزء من الموا المرتبطة بالسنوات العشر الأخيرة من حياته وإبداعه. الأول منهما هو – "دروس الأفلام الأخيرة" – وهو يحوي على واحدة من المحاضرات التي ألقيت في عام 1926، وواحدة أخرى من محاضرات عام 1971. يحكي روم في هذه المحاضرات للطلاب عن أبحاثه واكتشافاته أثناء عمله على أفلام "تسعة أيام من عام واحد"، و "الفاشية العادية"، و "العالم اليوم" و "مع ذلك أؤمن". أما الثاني فهو – "أفكار عن الكتاب الدراسي حول الإخراج السينمائي" – يتألف من حوار مع س.ا. غيراسيموف (عن 15 أيلول) والرسلة غير المرسلة له (من 15 أيلول) والرسالة غير المرسلة له (من 19 تشرين الأول عام 1971). وقد دويا كلاهما معاً كوصية تعليمية فريدة لميخائيل روم (كتبت الرسالة قبل وفاته بأسبوعين ونصف). إن مواد هذين الفصلين تشهد بوضوح على أنه بالرغم من إعادة النظر المتوترة في عدد من القواعد والقوانين المهنية على ضوء الأبحاث الأكثر حداثة في مجال اللغة السينمائية. إلا أن م. روم لم يفرضها في الواقع في "أعماله". إنه يعيد النظر في ترسالة أكثر غنى، وسطوع، ومرونة، وقدرة على إيصال أفكار ومواضيع الحداثة الاشتراكية إلى الملايين من المشاهدين. بيد أنه يحذر دون كلل بنفس الوقت الطلاب من الركض وراء الحداثة دون التفكير بالأهداف الغنية العليا، ومن ازدراء أبجدية (ألف باء) المهنة: "إن كل ما سنتحدث عنه اليوم، يمكن مخالفته، لكن يجب معرفة هذين القوانين... يمكن عدم مخالفة أي شيء". أنني أمل، أنه عندما سننهي برنامج المحاضرات، ستدخل إلى الموضة السينما الأكثر بساطة، ستصنع أفلام بسيطة وإنسانية، وسهلة ومفهومة جماهيرياً وتتماشى مع الموضة... وسيبدو الكثير عندئذ في حالة صعبة... لأن البساطة – هي شيء ليس على تلك السهولة كالبداية على ما اعتقد (محاضرة ألقيت في الصفوف الإخراجية العليا من 16 نيسان عام 1964). كان الاهتمام لدى م. روم بمصائر مهنته يتشابك بشكل وثيق مع كل عام بالقلق على مصائر العالم. وقد كرست أفلامه الأخيرة لذلك، وكذلك ترتبط بها محاضرات الأعوام الأخيرة، ويتخلل تلك المواضيع تفكيره حول مبادئ أعداد المخرجين السينمائيين المقبلين. وللسعادة وجد هذا التفكير انعكاساً له في الوثائق التي تؤلف القسم الختامي من الجزء الثالث – "أفكار عن الكتاب الدراسي للمخرجين". إن الوثائق ممتعة باعتبارها تحوي على أحد أهم تعميماته حول المبادئ التعليمية، وتنير بضوء إضافي منهاج المحاضرات المقترح والمثير لاهتمام القراء. يقول م. روم فيه من جديد أنه "من المستحيل استخلاص الصبغ الجامدة للحرفة من مسائل مهنة الإخراج السينمائي الحية والكثيرة التعقيد... يجب فهم العالم المعاصر، والتحدث بلغة معاصرة... ويجب على هذه اللغة المعاصرة بآن واحد الاعتماد على بعض الدعائم السياسية والمعنوية الوطيدة والصلبة، التي تؤمن فيها، والتي لا تستطيع رفضها"، وأنه بالرغم من "عدم وجود قواعد... فإنه ليس من الضروري جعل القاعدة قانونية"، إن الحقيقية المفهومة هي ضرورية على كل حال" (15 أيلول عام 1971).







مواقع صديقة

 

آفاق سينمائية

مجلة إلكترونية أسبوعية