دمشق : نضال سعد الدين قوشحة . كما في كل دول العالم ، كانت بداية إنتاج السينما في سورية ، من خلال القطاع الخاص ، وتحديدا عام 1928 من خلال شركة حرمون فيلم ، التي أسستها مجموعة هاوية لفن السينما وهم ، أيوب بدري ، رشيد جلال ، أحمد تللو ، محمد المرادي . ونفذوا فيلم المتهم البريء ، وهو أول فيلم سوري الإنتاج على الإطلاق ، ولكن هذه التجربة لم يكتب لها التوفيق ، كونها كانت قائمة على روح المغامرة ، التي لا تجد نفعا في صناعة السينما ، فكان أن توجهت نفس المجموعة ومن خلال شركة هليوس فيلم التي أنضمت إليها بعض الأسماء الجديدة . منهم أديب خير ، عطا مكي ، ورفيق الكزبري ، لإستقطاب أسماء احترافية في مجال السينما ، فكان أن لجؤا إلى شخص كان قد درس فن السينما في النمسا ، وهو إسماعيل آنزور ، الذي كتب و أخرج ثاني أفلامهم ، تحت سماء دمشق ، عام 1932 وهو الفيلم الأقدم في تاريخ سورية المحتفظ به كاملا ، بعد تلف الفيلم الأول المتهم البريء . بسبب سوء التخزين . ثم كان العام 1936 ، التي أنتجت فيه شركة حرمون فيلم مجددا فيلم نداء الواجب . وكان على السينما السورية أن تنتظر بعدها قرابة العشر سنوات حتى تنتج فيلما آخر هو . نور وظلام ، للمبدع والمخرج والمخترع السينمائي نزيه الشهبندر ، وهو أول فيلم ناطق سوري . أنتج عام 1947 . ولم تمض سوى سنوات ثلاث حتى دخلت مدينة حلب على خط الإنتاج ، من خلال شركة عرفان وجالق التي أنتجت فيلم عابر سبيل . ومن خلال زهير الشوا ، أنتجت السينما السورية الخاصة في عام 1961 فيلم الوادي الأخضر ، وعاد الشوا لينتج عام 1963 فيلم وراء الحدود ، ثم فيلمه الأخير لعبة الشيطان عام 1966 . وبهذا الفيلم تنهتي مرحلة الإنتاج السينمائي السوري غير المحترف . المعتمد أساسا على هوى الفن ، أو هوى المال عند البعض . من خلال الرغبة في إستثمار الأموال في تجارة كانت رابحة . لعل المتتبع ، لمسيرة هذا الإنتاج ، سيلحظ أنه خلال فترة تمتد على 37 عاما لم تنتج السينما السورية ، في مجال الروائي الطويل سوى ثمانية أفلام ، هي على التتالي ( المتهم البريء ، تحت سماء دمشق ، نداء الواجب ، نور وظلام ، عابر سبيل ، الوادي الأخضر ، وراء الحدود و أخيرا لعبة الشيطان ) . وكان على السينما السورية أن تعيش ولادتين سينمائيتين . الأولى عام 1964 من خلال ولادة السينما الخاصة المحترفة ، ثم عام 1968 ولادة سينما القطاع العام . من خلال إنتاج أول أفلامها سائق الشاحنة . في حديثنا عن ولادة سينما القطاع الخاص المحترفة في سورية سنكون أمام حدث سينمائي هام . كان بتأسيس شركة سيريا فيلم ( محمد الرواس ، فوزي الرواس ، وسعيد النابلسي ) . عام 1963 . وكان أصحاب الشركة مقتنعين بأنهم سيصنعون سينما سورية منافسة وتجارية . كان عمر التلفزيون السوري حينذاك ثلاث سنوات ، وكان حدثا فنيا وإجتماعيا هاما ، بحيث غير بوجوده تركيبة المجتمع المديني السوري . وصارت بعض الأسماء الفنية مزروعة في وجدان المواطن السوري بشكل قوي . بالطيع كان من أهمها ، الفنانان . نهاد قلعي و دريد لحام . اللذان قدما اسكتش تلفزيوني في إحدى السهرات باسم عقد اللولو . ولاقى صدى طيبا لدى الناس ، وقد صمم أصحاب شركة سيريا فيلم على تحويله لفيلم سينمائي ، مستغلين جماهيرة القصة والبطلين . وأعد السيناريو له نهاد قلعي . والذي يتضح من خلال متابعة تفاصيل تنفيذ الفيلم ، أن الذهنية الإحترافية فعلا قد غلبت على صناعة الفيلم ، فكان أن توجه أصحاب الشركة ، لتحسين قوادري ، وهو الخبير بشؤون التوزيع السينمائي على العالم العربي ، خاصة أفلام أنور وجدي ، كما أن له تجارب إنتاجية في مصر . ووضع أصحاب الشركة المشروع في عهدته ، وبعد أن قام القوادري بدراساته ، طلب إدخال تعديلات . كان أهمها ، تغيير المخرج خلدون المالح ، و أتى بمخرج لبناني سينمائي اسمه يوسف معلوف ، ورضي المالح بالحل وكان مساعدا له بالفيلم . كذلك جاء بالمطربة صباح ، وكانت حينذاك من أشهر المطربات العربيات ، و من سورية جاء بالمطرب فهد بلان الذي كانت شعبيته ضاربة . وبالطبع وجود دريد ونهاد . وبهذا الرباعي ضمن القوادري وجود قاعدة قوية من المشاهير التي تستقطب الناس . ثم عزز ذلك بعدد من الكوادر العربية وغير العربية في تفاصيل العمل ليعطي الفيلم صيغته المهنية المثلى . ثم كلن طلبه أن يصور الفيلم بالألوان ، الأمر الذي كان يعني دفع المزيد من المال حينها . لكن إصراره على الفكرة جعل الآخرين يقبلون . وبذلك يكون الفيلم أول فيلم سوري ملون ، وأخيرا ، إستطاع أن يقنع رفيق دربه السينمائي نادر الأتاسي بالدخول بالإنتاج ، فكان أن دخل الأتاسي بنسبة النصف وكلا من شركتي سيريا فيلم و تحسين قوادري بالربع لكل منهما . ونفذ الفيلم . بدأ بتصوير الفيلم في لبنان ، في شهر آذار ، وكان يعرض في عدد من العواصم العربية بشهر تموز من عام 1964 . وقد حقق الفيلم نجاحا كبيرا ، إذ استمر في الصالات السينمائية قرابة 22 اسبوعا . شكل هذا الفيلم ، بخروجه عن المألوف تجاريا وفنيا ، علامة فارقة في تاريخ الفن السينمائي السوري ، وقادت تجربته الناجحة ، العديد من أصحاب رؤوس الأموال السوريين ، للإستثمار في مجال السينما ، الأمر الذي دار بعجلة الإنتاج الخاصة قدما للأمام ، حتى وصلت لعامها الذهبي 1974 حيث أنتجت سينما القطاع الخاص السوري حينها 14 فيلما ، واستمر إنتاج القطاع الخاص السوري بتواتر جيد حتى ظهور عصر الفيديو ، حيث بدأ يقل إلى أن توقف تماما في نهاية تسعينيات القرن الماضي . يسجل لفيلم عقد اللولو العديد من الألقاب في تاريخ السينما السورية . فهو أول فيلم ملون وأول فيلم احترافي فيها وأول فيلم يحقق أرباحا تجارية وفنية كبيرة . وأول فيلم يعرض في العديد من العواصم العربية بشكل متزامن ويحقق فيها جميعا ، نجاحات فنية وجماهيرية كبرى . فيلم عقد اللولو : إنتاج : نادر الأتاسي . قصة : دريد لحام ونهاد قلعي إدارة الإنتاج : محمود النمير ومحمود المصري مونتاج: اميل بحري مدير التصوير : محمد الرواس ديكور: سعيد النابلسي مساعد إخراج : خلدون المالح إخراج : يوسف معلوف شركة ستديو سيريا - دمشق / سوريا دريد لحام نهاد قلعي صباح فهد بلان ملك سكر صبري عياد المطربة يسرى البدوية