المسرحية من خشبة العرض إلى شاشة السينما


المسرحية من خشبة العرض إلى شاشة السينما


( ترجمة العناصر الدرامية المسرحية إلى عناصر سينمائية )
عوض الاحمد
بعد توظيف الألة في العرض المسرحي والعرض السينمائي , أصبح الفيلم والمسرحية على علاقة وثيقة فيما بينهما فأخذا يرويان قصصهما ( بالعرض والتمثيل ) رغم اختلاف طريقة كل منهما ويرجع فضل ربط العمل المسرحي بالعمل السينمائي ل (جورج ميليه) صاحب ومخرج مسرح روبير هوديني , وهو المسرح الذي كان يتخصص في أعمال السحر وتحويل الأشياء من شكل إلى أخر .
وكان بمقدور السينما أن تحول أعظم من أي تحويل قام به المسرح . فقد كان ميليه رجلاً عجيباً متعدد الكفاءات و المواهب فقد كان صاحب مسرح ( روبير هوديني ) ومخرجه ومصمم المناظر و الممثل ويحسن استخدام الألات ومتذوق المسرحيات التي كانت تعرضها مسارح لندن . وكان يتردد على الساحر العجيب ( ماسكلين ) الذي يقوم بالخدع و الألعاب السحرية .
وأكسبه ذلك روح الفكاهة عند ألعابه عندما عاد إلى باريس , فهو الذي عمل رساماً في الصحيفة الهزلية الساخرة (لاغريف )
واستطاع ميليه الربط بين المسرح والسينيما , وقد صنع ألة عرض سجل حق اختراعها باسم الكنتوغراف واستطاع إدخال الكميرا إلى المسرح وتوظيف الخدعة في فيلم ( السيدة المخفية ) خدعة الكاميرا واستخدم طرق الحيل ومن بين هذه الطرق ( المزج) . تطبيق نظرية ( الصورة المزدوجة ) في السينما .
وأدخل ميليه إلى السينيما التنظيم المسرحي , وراح يكتشف أوجه الخلاف و أوجه الشبه بين المسرح والسينيما , فقال : (إن صنع المناظر للفيلم شبيه تماماً بصنعها للمسرح باستثناء أن الفنان لابد أن يعرف كيف يجمع كل شيء على الورق وبالتالي لابد أن أن يكون مؤلفاً , ومدير مسرح , ومصمم مناظر , ولابد أن يكون في الغالب ممثلاً )
وفي مجال التفرقة بين التمثيل للمسرح و التمثيل للسينما , لاحظ أن ممثل السينما البارع هو الذي يعرف كيف يجعل الجمهور يفهمه دون أن يتكلم ,و والذي يجب أن تكون إيماءاته وحركاته دقيقة بالرغم من ضرورة المبالغة فيها . ومع أن ميليه كان يعتبر الكاميرا ألة لتسجيل ما يقوم به على المسرح , إلا أنه أدرك أن ما يراه المتفرج في المسرح وما تسجله الكاميرا مختلفان كل الاختلاف . وكان يقول ميليه : ( إن الكاميرا وحدها هي المتفرج , وليس هناك أسوأ من ممثل ينظر إلى الكاميرا ويشغل نفسه بأمرها وهو يؤدي دوره , كما يحدث دائماً مع الممثلين الذين اعتادوا على المسرح ولم يعتادوا على السينما ).
لقي ميليه في أول الأمر صعوبةً في الحصول على ممثلين للسينما لأن الممثلين كانو يشعرون بان السينما تحط من قدرهم وهيبتهم . وقد استخدم ميليه في أفلامه الأولى عمال مسرح هوديني , وجيرانه , وأعضاء أسرته, بل حتى خدمه .
وفي شهر سبتمبر من عام 1897 نشر ميليه الإعلان التالي بعد أن عزم على تحويل مسرح هوديني إلى دار عرض سينمائية .
( من الآن فصاعداً لن تعرض ألعاب الهواة إلا في الحفلات النهارية , وأيام الأحاد , والعطلات وستخصص الحفلات المسائية للسينماتوغراف )
إلا أنه استأنف استعراضاته المسرحية قبل نهاية العام .
وهكذا نجد أن ميليه قد قام بابتكار موضوعات شبه مسرحية وسجلها بوسيلة السينما وبهذه الطريقة جلب معه إلى شاشة السينما التنظيم المسرحي , ذلك التنظيم الذي يجمع بين فنون ومهن يقوم بها عمال كثيرون : المؤلف والمخرج, و ومدير المسرح , ومصمم المناظر, والممثل , و المنتج . وكان ميليه يجمع وظائف هؤلاء الإخصائيين كلهم . ولقد تحدث جريفث عن ميليه فقال : ( أنا مدين له بكل شيء ) .
ومن مشاهير الممثلين في أشهر المسرحيات ظهرت (سارة برنار ) التي اعترف لها العالم بأنها أعظم ممثلة في عصرها , وفي المسرحية التاريخية التي عرضت في باريس تحت عنوان ( الملكة إليزابيث ) . تأليف ( إميل مورو) .
ومع أن مسرحية ( الملكة إليزابيث ) قد سقطت , وسحبت بعد حفلات قلائل , إلا أن (مير كانتون ) طلب من ( مدام برنار ) أن تسمح له بتصوير المسرحية في فيلم , وكانت ( سارة برنار ) قد ظهرت في السينما عام 1900 حين اشتركت في مشهد المبارزة في فيلم ( هاملت ) واعتادت (سارة برنار ) أن تقول إن السينما هي فرصتها الوحيدة للخلود نظراً لأن فن التمثيل على المسرح زائل . وعلى هذا لم توافق على الظهور أمام ( كاميرا ) - ( ميركانتون ) فحسب , بل يقال إنها قامت أيضاً بإعداد المسرحية للسينما . وكانت النتيجة أن ظهرت مسرحية الملكة ( إليزابيث الأولى )على الشاشة . وتروي مسرحية (الملكة إليزابيث ) تلك الحكاية الأسطورية التي جرت بين  ( إليزابيث الأولى ) ملكة انكلترا , و ( روبيرت ديفيرو ) أيرل أوف إسكس . وتقول القصة إن احتجاز الخاتم التي أعطته ( إليزابيث ) ( لإسكس) وعدم وصوله إليها , كان سبباً في تنفيذ حكم الإعدام فيه بتهمة الخيانة .
وحين عرضت المسرحية على الشاشة , كان لابد ( لسارة برنار ) من أن تحسب حساباً لما يأتي : فبينما تروي المسرحية القصة بالحوار في المحل الأول فإن الفيلم يعتمد على الصور في المقام الأول , وكان حل هذه المشكلة هو عرض أكبر قدر ممكن من حركة الفيلم بالطريقة الإيمائية . وإضافة العناوين التوضيحية إلى تلك الإيماءات , ولم يكن من الممكن تقديم الحوار كله إلا إذا كانت العناوين طويلة بشكل غير مألوف ومتعدد , وإلا إذا طبع الحوار كله الموجود في نص ( مورو ) على الفيلم , والنتيجة أنه لابد من حذف التفاصيل أو ضغطها على أقل تقدير .
وكانت ( سارة برنار ) تعرف قيود الشاشة , فلا بد أنها كانت متأثرة بما للشاشة من ميزة على المسرح .وكانت بوصفها ممثلة ,على ألفة طبيعية بمشكلة المناظر على المسرح  وقد كانت تعرف كذلك أنه لابد للكاتب المسرحي أن يروي قصته بأقل تغيير ممكن في المناظر دون أن يتعارض ذلك مع التأثير الدرامي . أما على الشاشة فإن الانتقال من مشهد إلى مشهد لا يعد مشكلةً بحال من الأحوال .
وهكذا قامت ( سارة برنار ) بإعداد الفيلم مستغلة ميزة الاختلاف في المناظر بين المسرح والسينما في ثلاثة وعشرين مشهداً تتجاوب مع التباين في الحوار , وتعتمد على عدد كبير من العناوين الفرعية .
عنوان فرعي : نرى ( إسكس ) – الذي أصبح عشيق الملكة – حاضراً في حفلة تعرض فيها مسرحية ( زوجات وندسور المرحات ) ويقوم بتقديم شكسبير إلى الملكة .
مشهد2 : حجرة في القصر , مسرح على اليسار .
ونلمس أسلوباً واضحاً في تقاليد المسرح التي نشأت عليها ( سارة برنار ) فعلى الرغم من أنها تمردت منذ البداية على التمثيل في المسرح وفقاً لطريقة الأسلوب الفخم إلا أننا نجد هذا الأسلوب واضحاً في المسرحيات التي ظهرت فيها . ومن سمات هذا الأسلوب ( نظام النجوم ) وهو النظام الذي لا يكون فيه النجم أو النجمة أهم من المسرحية فحسب , بل أهم من بقية الممثلين أيضاً , ويتسم هذا النوع من المسرح أيضاً بفخامة المناظر , فمسرحيات شكسبير مثلاً كما عرضت في القرن التاسع عشر , أضيفت إليها مناظر لتشمل مواكب رائعة ومؤثرات مسرحية مقصودة لذاتها . كما في ( الملكة إليزابيث ) في منظر الموكب الذي يؤخذ فيه إسكس إلى ( وسمنستر ) .
وتعتمد شهرة ( سارة برنار ) كممثلة على صوتها , أكثر من اعتمادها على شيء أخر .
وتقول (ماي أجيت ) إن الشاعر الفرنسي ( تيودور دي بانفيل ) وصف (سارة برنار ) قائلاً : ( إنها ألهة الشعر نفسه , وثمة غريزة خفية تحركها , وإنها لتلقي الشعر كما يغرد البلبل , وتتنهد الريح , ويهمس الماء ) وفي أعوامها الأخيرة , حين كانت تعاني من بتر ساقها , ولم تكن تقوم بالتمثيل إلا وهي جالسة أو راقدة .
إن فيلم ( الملكة إليزابيث ) ليس إلا مسرحية مصورة , وهذا هو ما كان يهدف إليه ( مير كانتون ) ولكنه من ناحية أخرى أفضل - كفيلم - مما يفترض ناقدوه .
ومع أن الفيلم والمسرحية كليهما يرويان قصصهما بالعرض والتمثيل فإن طريقة كل منهما في ذلك مختلفة عن الأخرى . فالفيلم الذي يعرض قصته على طريقة المسرحية الأصلية سيكون على الأرجح مجرد صورة فوتوغرافية للمسرحية .
أما الإعدادالسينمائي السليم فإنه يستلزم أن تستغني فيه المسرحية عن عدد معين من خصائصها . لتحل محلها خصائص سينمائية .
وييعتبر الإعداد السينمائي روبرت شيروود ( ابراهام لينكولن في أيللينوي ) ومسرحية ( نويل كوارد ) مثالين نموذجيين للإعداد السينمائي .
ويرى روبرت شيروود في مسرحيته بأن أعظم عمل حققه لنكولن هو        ( توطيد المثل الأعلى الأمريكي ) ويرى شيروود أن الكاتب المسرحي مسموح له بقدر من التجاوز الشعري عندما يتناول بعمله شخصية تاريخية , فيقول ( أن كيلوباترا الحقيقة لا تشبه في شيء كيلوباترا التي خلقها شكسبير , ولا كيلوباترا الأخرى مختلفة تماماً , تلك التي خلقها برنارد شو) .
ومسرحية ( ابراهام لينكولن في أيللينوي ) تمثل ثمانية وعشرين عاماً من حياة هذا البطل وانتقى شيروود أحداثاً ساهمت تطوير شخصية لنكولن خلال هذه الأعوام إذ يشير شيروود إلى أن حياة لنكولن تمثل نوعاً من الأسطورة الشعرية المعبرة عن تطور الروح الديموقراطية , وتظل هذه المسرحية ملحمية الطابع , وهذه الصفة الملحمية بالذات هي المسؤولة نجاح إعدادها السينمائي .
ويستمد شيروود من التاريخ نفسه ليوسع في مجال مسرحيته , فهناك دور لنكولن في ( حرب الصقر الأسود ) يمثله مشهد يقوم فيه ابراهام لينكولن بتدريب فرقة من المتطوعين , ويربط المونتاج الوقت الذي يفصل بين زواج لينكولن في عام 1842 ومناظرات لنكولن ودوجلاس في عام 1858 , وذلك بمجموعة من اللقطات و اللقطات الاعتراضية تربطها عمليات مزج وطبع الصور المزدوجة ومن اللقطات يقول :
( بعد ذلك, أعواماً دالة على تطور أمة وشعب ) رجل يحفر , ورجال يبنون سوراً , بناء يرسي حجراً , شارع في سيرنجفيلد ولافتة أو أكثر .
- لنكولن وهرندون
مستشاران في القانون .
- ثورة مسلحة في فيرجينيا .
جون براون يقود الثورة على مالكي العبيد .
وتزداد الأفلام السينمائية التي تستلهم المسرحية . فنجد أن (48 ) فيلماً استلهمت مسرحية ( ماكبث ) لشكسبير , وشاهدت في مهرجان كان 2015 الفيلم البريطاني ( ماكبث ) إخراج جوستين كورزيل عن مسرحية شاعر الانكليزية الأكبر شكسبير (1564-1616) , وهذا هو الفيلم الثامن و الأربعون الذي أنتج عن المسرحية منذ عام 1913 في الفترة السينمائية الصامتة . وهذا الإحصاء يتضمن الأفلام التلفيزيونية , والأفلام التعليمية و الأفلام المسرحية التي تسجل العروض المسرحية . وأهم الأفلام السينمائية عن ماكبث هو الفيلم الأمريكي . ( ماكبث ) إخراج أورسون ويلز عام        ( 1948 ) . والفيلم الياباني , ( عرش الدماء ) إخراج أكيرا كوروساوا عام  ( 1957 ) . والفيلم الأمريكي ( ماكبث ) إخراج رومان بولانسكي عام       ( 1971) .
وعرضته ( ماكبث ) , في لندن عام ( 1606 ) أما الملك جيمس الأول وضيفه الملك كريستيان ملك الدانمارك , ولأول مرة في مسرح القصر الملكي كما عرضت على الجمهور لأول مرة في مسرح جلوب عام
( 1611) .
تدور أحداث المسرحية في اسكتلندا في القرن الحادي عشر , ومعظمها أثناء الليل وتبداً بعاصفة شديدة مصحوبة بالبرق والرعد , وظهور ثلاث ساحرات عجاف لهن لحى كالرجال ومن حوارهن ندرك أنهن يدبرن مكيدة للقائد العسكري ماكبث .
ولقد قامت ثورة ضد حكم الملك الشيخ الطيب دنكن , ووالد الأميرين مالكوم ودونالبين , وتمكن القائدان العسكريان النبيلان ماكبث وباكو من إخماد الثورة, ويستمع الملك إلى جندي جريح يتحدث عن بطولة ماكبث في القتال . ويعلم الملك أن أمير كودر قد اشترك بالثورة , فيحكم عليه بالإعدام , ويمنح لقب أمير كودر إلى ماكبث تقديراً له , وتتطور الأحداث عندما يعلق الملك أنه وقف العرش على ابنه مالكوم , ويخص ماكبث بشرف قضاء الليلة في قصره لمزيد من التقدير له , وتظهر الليلدي ماكبث تقرأ رسالة من زوجها عن نبوءة الساحرات , على النقيض من ماكبث لا تتردد زوجته في العمل على تحقيق النبوءة , وتحرضه على الوصول إلى غايته من أقصر الطرق , وتتمنى المجد ولا تخلو من الطموح , وتخاطب زوجها قائلة : لكن يعوز الشر الذي لابد منه للوصول إلى المجد , فتعال وأسرع إلي لأصب حماستي في أذنك .
ولا نرى ماكبث وهو يقتل الملك وإنما يقول لزوجته ( لقد فعلتها ) وبيده خنجرين, وعندما تطلب منه إعادة الخنجرين  و تلطيخ الحارسين النائمين بالدم , يقول ( لن أذهب ثانية , إن ما فعلته ليبعث الرعب في نفسي ولا أجسر على أن أعيد النظر إليه , فترد : أيها الرجل الجبان يا خائر العزيمة أعطني الخنجرين ) ثم تقوم الليلدي ماكبث بقتل الحارسين , وهما الدليل الوحيد ضد ماكبث ويعمل ماكبث على قتل بانكو لأنه الوحيد الذي استمع إلى النبوءة , ويشعر ولدي الملك مالكوم ودونالبين بأن حياتهما في خطر فيهربان من اسكتلندا , ويعاني ماكبيث من الهلاوس ويزول التفاهم بين بينه وبين زوجته , ويبدد الحب بعد تنصيب ماكبث ملكاً ويظهر شيخ بانكو , وتحذره الساحرات ويقول الطيف الأول , أحذر ماكدوف , أحذر أمير فايف , أما الطيف الثاني يقول : لن يستطيع أن يؤذي ماكبث أي رجل ولدته امرأة , ويقول الطيف الثالث : لن يغلب ماكبث حتى غابة برنام الكبرى إلى قلعة دنسينين وتهاجمه .
يقول ماكبث  مناجياً نفسه : ( سأفاجىء قصر ماكدوف واستولي على ولاية فايف وبحد السيف سأقتل زوجته وأطفاله .وتبدأ المعركة وفجأة تبدو الغابة وكأنها تتحرك عندما يأمر مالكوم الجيش الذي يقوده مع ماكدوف وعدد من الأمراء لإسقاط الطاغية ( ليقطع كل جندي لنفسه غصناً ويحمله أمامه , وبذلك نخفي عن العدو عدد جنودنا فنضلله , وبينما يستعد ماكبث للمعركة يأتيه زوجته , وعندما يبدأ المصارعة بالسيف مع ماكدوف يقول : إن حياتي تحميها رقية السحر , فهن لن تذعن لرجل ولدته أمرأة ويلقى ماكبث مصرعه على يدي ماكدوف ويتولى مالكوم عرش اسكتلندا .
المسرحية تبرز حماقة الصراع من أجل السلطة . والذي يبرز العنف الكامن داخل الإنسان وكأنه مطلق ميتافيزيقي , وقد وصف برادلي في كتابه (التراجيديا الشكسبيرية عام 1904 ) ماكبث بأنها ( ميتافيزيقيا الشر ) وقد استمر الصراع بين ( القوتيتن العظميين ) عقوداً طويلة حتى عام( 1989 ) وهدد العالم بحرب عالمية ثالثة طوال هذه العقود .
وأما مسرحية الفصل الواحد فتعد للسينما على نحو مختلف بعض الشيء عن طريقة إعداد المسرحية الطويلة ,ذلك أنه بينما يوسع المجال في إعداد المسرحية الطويلة, فإن المسرحية القصيرة ينبغي أن توسع أكثر من ذلك .
وبينما نتلمس التفاصيل , عند إعداد المسرحية الطويلة عندما إدماجها في التعديل , فإن هذا الإدماج إذا حدث في إعداد المسرحية القصيرة يكون بقدر أقل , وفيلم ( لقاء عابر ) الذي يعبر عن مسرحية من فصل واحد للمؤلف نويل كوارد , مثال طيب على ما ذكر من اختلاف .
أن فيلم ( لقاء عابر ) الذي إعد إعداداً سينمائياً عن مسرحية من فصل واحد قد وسعت تفاصيله تبعأ لذلك , وحذف بعض حوارات الشخصيات الصغرى في الإعداد لأنها أصبحت في الفيلم أقل أهمية مما كانت في المسرحية . ولكن الفيلم يستوعب مع ذلك معظم حوار المسرحية وفضلاً عن ذلك فإن حوار الفلم أكثر من حوار مسرحية , ورغم أن هذا الفيلم قصة صراع داخلي فإنه يستفيد من فكرة الإطار الذي تروى القصة من داخله على نحو ذاتي .
إن فيلم ( لقاء عابر ) أمين على على واقعية المسرحية القصيرة (حياة جامدة ) و الشخصيتان الرئيسيتان في الفيلم , كما هما في المسرحية , في منتصف العمر ومن الطبقة الوسطى .
كما أنهما يحملان نفس الإسمين العاديين : لورا جيسون وأليك هارفي , وليس في الفيلم محاولة لجعل حبهما يبدو أكثر بريقاً مما هو في المسرحية , وملابس لورا ليست ملابس متأنقة .
إن فيلم ( لقاء عابر ) يستغل أعظم الاستغلال تلك الواقعية الكامنة في محطة السكك الحديدية , وبينما القطارات في المسرحية تقدم بشكل غير مباشر بإحداث أصواتها خارج خشبة المسرح , فإن الفيلم يقدمها مباشرة وعلى نحو واقعي وتسجيلي .
إن إعداد فيلم عن مسرحية يقتضي إذن ترجمة العناصر الدرامية المسرحية إلى عناصر سينمائية , وتقديم المسرحية بمقوماتها الخاصة ليس معناه إعدادها للسينما , وهذا الاتجاه مسؤول عن فشل الأفلام المبنية على مسرحيات شكسبير , كما أن الإعداد السينمائي هو صاحب الفضل في قوة التأثير ةالفعالية في كل من ( ابراهام لنكولن في ألينوي ) و ( لقاء عابر ) فإن كلاً من هذين الفيلمين يروي القصة على نحو سينمائي دون انتهاك هدف المسرحية وروحها . وهو بروايتها على هذا النحو لا يقدم مجرد الوسيلة السينمائية بل يبدع فناً سينمائياً .
المصادر والمراجع :
1- السينما ألة وفن , لألبرت فولتون , ترجمة صلاح عز الدين وفؤاد كامل , مكتبة مصر .
2- دبي الثقافية العدد (35) أكتوبر ( 2015 ).
3- دبي الثقافية العدد ( 36) نوفبر ( 2015 ).
 







مواقع صديقة

 

آفاق سينمائية

مجلة إلكترونية أسبوعية