تأليــــــــــــف: بشار ابراهيم من منشورات الفن السابع /94/ تأخذ السينما دورها الهام والفعال، باعتبارها وسيلة اتصال جماهيرية، ذات مقدرة عالية في التعبير عن الواقع الراهن؛ في قراءته، ورصده، وتحليله.. وفي مقدرتها على إعادة إنتاج صورة الماضي، بإعادة رسمه، وتفسيره، في سياقاته، وسيرورته، أو في قراءة شروطه التاريخية، السياسية الاقتصادية الاجتماعية الثقافية الفكرية الإبداعية.. وهو ما يؤهلها للقيام بعملية استشراف إبداعي للمستقبل، باحتمالاته، وخياراته.. ولاشك في أن السينما تمتلك تأثيراً أعمق من غيرها، بين وسائل الاتصال الجماهيرية، كالصحف والمجلات، وما تنتجه دور النشر، من كتب أو كراسات، وما تبثه الإذاعة، وتعرضه التلفزة، ذلك أنها تمتلك خصوصيتها وجرأتها في الإنتاج والتصوير، واقتحام المواضيع، وكذلك في طقوس العرض، وإيقاعه، والقدرة الدائمة على استعادته.. والقضية الفلسطينية، باعتبارها القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية، والقضية الراهنة والملحة، والمغمسة بأسئلتها الدائمة، كما بالدم النازف، بحاجة فعلية لهذه الوسيلة من وسائل الاتصال الجماهيري، السينما، بل وبحاجة لتعامل جاد وشامل منها، فالسينما تستطيع أن تطرح واقع القضية، وتحلل ظروفها، وتعالج جوانبها المختلفة، ويمكن لها أن تنقل صوت القضية إلى جميع شعوب العالم، قفزاً فوق حواجز اللغة، والثقافة، والتطور الحضاري.. ويمكن لها أن تعيد صياغة المواقف تجاهها.. إذ يمكن للسينما كوسيلة اتصال، أن تتوجه بالحديث إلى مختلف الأواسط، وبغض النظر عن مستوى ثقافتها، وعمق وعيها، ومدى إدراكها، في مسعى لتوضيح وتفسير طبيعة القضية الفلسطينية، ومضمونها، وفضح جوهر الصراع العربي الصهيوني، وجذر المشكلة الفلسطينية، وتاريخها، على نحو يضع الأمور في سياقاتها التاريخية، الموضوعية، بعيداً عن النزاعات الذاتية، والرؤى الضيقة، دونما شعارات، وإنما بإفصاح تاريخي مجتمعي معرفي.. يخدم الحقيقة ويضعها بين أيدي الجمهور، لتعيد عبر ذلك تكوين رأي عام بصدد القضية الفلسطينية، في جوهرها، والنضالات العتيدة التي مارسها ويمارسها الفلسطينيون والعرب.. الصراع العربي الصهيوني باعتباره صراع وجود ضد وجود، أي أنه يتضمن في جوهره التناقض الحتمي بين الوجود الصهيوني من جهة، والوجود العربي والفلسطيني من جهة أخرى، والتأكيد على أن فلسطين كانت عبر التاريخ عربية دائماً، وأن الشعب العربي الفلسطيني، لم يكن مُغفلاً في حديث التاريخ، بل كان حضوراً فاعلاً على كافة المستويات.. والاستدلال بالوثائق التاريخية، التي اكتشفت، والتي تدل على عمق وجود هذا الشعب، وعظمته، وتبيان أن الغزوة الصهيونية، إنما هي واحدة من أشرس الغزوات التي تعرضت لها فلسطين منذ القدم، لأهميتها الاستراتيجية المتعددة، جغرافياً، وتاريخياً، ودينياً، وحضارياً.. وينبغي لهذه الغزوة أن تمضي، كما مضت تلك الغزوات، باعتبارها حداً طارئاً، ليس من مبرر لاستثنائها عن غيرها من الغزوات. من خلال تصوير معاناة الشعب الفلسطيني، بعدما تحول هذا الشعب، نتيجة الغزوة الصهيونية، إلى فلول لاجئين يرزحون تحت خيام التشرد، والبؤس، والمعاناة.. وكشف الصعوبات الحياتية التي يشدونها، بسبب طردهم من ديارهم، ونثرهم في المنافي، والشتات، والعراء... إذا كان حق تقرير المصير هو واحد من أهم الحقوق المتفق عليها دولياً وقانونيا، لكافة شعوب العالم، فمن الأولى والأجدر أن يتم تمكين الشعب الفلسطيني المحدد الهوية الحضارية والثقافية، والوجودين المادي والتاريخي، من ممارسة هذا الحق.. وتقتضي ممارسة هذا الحق عملياً، أن يكون الشعب موجوداً على ترابه الوطني، حراً، عزيزاً، كريماً مستقبل الإرادة، قادراً على بناء كيانه السياسي، وتحديد هويته، وطبيعته، وصورته، وأشكال السلطة، وحدودها، وكيفيتها، وآليات ممارستها، أو تداولها. وفي الوقت الذي تكون فيها السينما وسيلة اتصال حضارية، تسعى لإنضاج وبلورة وتطوير الحضور الثقافي الحياتي والمستقبلي للناس، يكون ثمة إدراك لأهمية هذه الوسيلة ودورها الذي يمكن أن تمارسه في الحفاظ على التراث الفلسطيني وتجدده، وفي جعل الثقافة الوطنية الفلسطينية حية ومستمرة، وصاعدة بالشخصية الوطنية، لتبقى شديدة الخصوصية، والتمير، في إطارها القومي العربي، ومعطاها الإنساني العام.. وفي تناول السينما لما يجري في الوطن المحتل، وواقع الفعاليات الفلسطينية ووظائفها ومهماتها ونشاطاتها والإمكانيات الاقتصادية والاستراتيجية لفلسطين، وتاريخها، وجغرافيتها، وثقافتها، وآدابها، وشعبها، وفنونها... مما يؤكد ويرسخ ذلك.. بعد النكبة الكبرى التي حاقت بالشعب الفلسطيني عام 1948، تحولت الذاكرة إلى أحد أهم وسائل الفلسطينيين للتمسك بالوطن المستلب، والأيام التي انطوت على ذاكرة البلاد. ومع مرور أيام النكبة، وتواليها، جعل الفلسطينيون من الذاكرة أحد المفردات التي تدخل في إعادة تشكيل الهوية الوطنية الفلسطينية التي أراد الاحتلال والتشريد تدميرها ومحوها.. مما جعل الحفاظ على الذاكرة وتسجيلها وحمايتها مهمة وطنية وقومية، واستخدموا في هذا السبيل كل ما يمكنهم من وسائل التعبير والاتصال، ومن ثم تستطيع السينما أن توثق الأماكن الفلسطينية، وتساهم في المحافظة على الخصوصية الفلسطينية، وطناً، وقضية، وشعباً، وإبقاء القضية حية، وتعميق أسس استمراريتها وحياتها، إضافة إلى أيجاد أرشيف سينمائي، للزمان والمكان والناس، ولأبرز الأحداث.. وحينذاك تتحول السينما إلى جزء لا يتجزأ من الذاكرة الفلسطينية. ويواجه السينمائيون، عادة، مهمة تشكيل ذاكرة حياة، ونضال، تهدف إلى التعبئة والدفع نحو المستقبل.. وفي هذا الصدد نتفق مع قول الأستاذ حسين العودات: "إن أهمية السينما للقضية الفلسطينية إنها وإن كانت لا تصنع ثورة، فإنما هي دوماً وسيلة تعليم، وتحريض، ودفع، ونهوض، وهي وإن كانت لا تخلق ثورة من فراغ، لكنها تضبط خطواتها مع خطوات الثورة، وتعكس للجماهير وللرأي العام ما هو ضروري للتوضيح والكشف والإضافة، فللسينما نصيب دائماً، في التهيئة للثورة والتعبئة وتحفيزها وتهيئة الضمائر والوجدان نحو الوثوب، وترسيخ الحقائق المجلية للتاريخ الذي لا ينطفئ عندما تكتبه السينما". - عن السينما والقضية الفسطينية - السينما العربية في فلسطين - حكاية أول سينمائي عربي فلسطيني - سينمائيون فلسطينيون بعد العام 1948 - سينمائيون فلسطينيون في السينما العربية - فلسطين والصراع العربي الصهيوني في السينما المصرية - في السينما الروائية الطويلة - في السينما التسجيلية، والروائية القصيرة - فلسطين والصراع العربي الصهيوني في السينما السورية - في السينما الروائية الطويلة - في السينما التسجيلية، والروائية القصيرة - عن السينما العربية والقضية الفلسطينية والصراع العربي الصهيوني - في السينما اللبنانية - في السينما العراقية - في سينما الدول العربية الأخرى - صورة اليهود الطيب في السينما العربية - سينمائيون عرب في سينما الثورة الفلسطينية