السينما الفرنسية في قــــرن


السينما الفرنسية في قــــرن

تأليف: ايريك لوغيب ترجمة: محمد علي اليوسفي

منشورات وزارة الثقافة – المؤسسة العامة للسينما (93)

لا خلاف في أن السينما الفرنسية هي من أغنى السينمات، وأعرقها، وأكثرها تنوعاً، في التاريخ العالمي للفن السبع. فهي تعود إلى جذور نشأة هذه الظاهرة على أيدي الأخوين لوميار وجورج ميلياس. غير أنها تبقى الأصعب، أيضاً، في ضبطها ضبطاً شاملاً، وفي تاريخها وآفاقها. إنها سينما تتعدد تحديداتها وأوصافها بتعدد مخرجيها. وفي هذا السياق، لاوجود لـــ هوليود" فرنسية من شأنها أن تشكل القاسم المشترك، وتحدد العلامات وتضمن الإحالات. فالأمر يتعلق بتعاقب موجات جديدة لا تتعادل في استقطاب الجمهور، ولا في طريقة استقبال النقد لها. وفي الواقع، لم تشهد فرنسا تيارات سينمائية، أو مدارس، أو اندفاعات قابلة للمقارنة من حيث استمراريتها، بموجة الواقعية الجديدة أو كوميديا النقد الاجتماعي، في إيطاليا. ذلك أن المخرجين الفرنسيين يتحركون وينتجون ضمن الزمن الذي يأسرهم من دون أن يندمجوا في ديمومة واحدة. فهم يشكلون كلاً متكاملاً بلا ريب، لكنهم لا يتجمعون في تكتل واحد. بل نجهم يذهبون بالعكس؛ إذ يسعى كلٌ بمفرده، بموهبة ومثابرة وعناد، إلى العمل على تفجير مجرّة السينما، انطلاقاً من العمل المتفرّد. ولا شك أنهم يمارسون المهنة نفسها، مدفوعين إلى استغلال أعماق مواهبهم الشخصية وهمومهم المهنة. غير أنهم لا يعترفون بقاعدة ذهبية واحدة. فكل واحد يزرع حدائقه السرية ويحرسها على طريقة الخميائيين. إن المخرج الفرنسي، بالنسبة لمن يشاركونه المهنة ذاتها، هو أقرب على متوحد، إلى خنزير بري؛ يختلي في قصره العاجي ضمن أراضيه التي يظل يحلم بتحويلها إلى ما يناسبها من قاعات في قصره العاجي ضمن أراضيه التي يظل يحلم بتحويلها إلى ما يناسبها من قاعات معتمة لصالحه. ومع ذلك توجد بعد الاستثناءات. فهذا كريستيان جاك يفجر حدود المسلسل الروائي، وذاك بيارشوندور يدخل المنظور الصحفي، على طريقته الخاصة، ليكون شاهداً على العصر. من هذه المجرة استبعدنا الشهب الهاربة؛ أولئك المجددين الذين لم يتركوا أثراً يدون، بعد أن وصل بهم الأمر إلى إنكار الجمهور لتبرير خلو القاعات لدى عرض أفلامهم. ولذلك حاولنا ألا نحتفظ، من بين الشموس السينمائية، إلا بتلك التي خلدت إشراقاتها عبر السنوات الضوئية، بفضل تركتها ومتعتنا الدائمة كمتفرجين. عندما يتعلق الأمر بفيلم فرنسي، لا يخطر ببال المشهد التأكيد بأن هذا الفيلم هو بتوقيع فلان، على سبيل المثال، بل يذهب مباشرة إلى القول إنه متأثر بفلان. وحتى إذا أخرج البعض أفلامهم في الولايات المتحدة الأمريكية، مثل رينيه كلير، وجان رونوار، أو برز غيرهم، مثل جو هامان في ريادة فيلم الوسترن، فكل ذلك لا ينفي القول بأن السينمائيين الفرنسيين، عندما يهربون تظل رؤاهم شاعرية أكثر منها ملحمية. كانت السينما في فرنسا -منذ نشأتها- سينما مؤلف بالدرجة الأولى. ألم يصرّح لنا مارسيل آشار ذات يوم: "في الولايات المتحدة الأمريكية يمكن للمخرج أن يأمل الحصول على جائزة الأوسكار؛ أما في فرنسا فتُفتح أمامه أبواب الأكاديمية الفرنسية. ومن المؤكد أن هناك فرقاً ين الحصول على ذلك التمثال ذي الالتواءات الرياضية والمسمى "أوسكار" عندهم، وبين أن تتحول شخصياً إلى تمثال كما يجري عندنا؛ أي أن تصبح من المخلّدين في الأكاديمية الفرنسية. أليس هنري دكوان هو الذي أسرّ لنا في مناسبة أخرى: "السينما الفرنسية فاتيكانية، ذات ديكور متحرك، تتغير لوحاتها الجدارية وفق الإيمان والآمال التي ينظر إليها المتفرجون وهم يرغبون في دواخلهم أن يعيدوا تصويرها". وأخيراً أليس ليو جوانون هو الذي أكد لنا خلال أحد المهرجانات في إيطاليا بأن: "أجمل ما يمكننا تركه من صور هي تلك التي تحولها ذكريات المشاهدين. يا له من فيلم خارق. محرّف وموسّع، مثقل بالأحلام وبالكوابيس، ذلك الفيلم من أفلامنا الذي يمر عبر تصورات مشاهدينا! قد يكون الفيلم الذي ينبغي إنتاجه، ولن يُنتج أبداً، هو الذي يجمع بين انطباعات المتفرجين، سواء أكانت جيدة أم سيئة، وبين إداناتهم أو حماستهم، وذكريات كل الذين شاهدوه. والحال أن مثل هذا الفيلم التوليفي يستحيل تخيله لزمن ما زال طويلاً. لكن، ربما ذات يوم..". تُرى بم تحلم الشاشة الفرنسية؟ ها ما سعينا إلى الكشف عنه وإدراكه وتحديده من خلال هذه الحوالات. ثمة نزعة إلى المغامرة... واختير غير منهجي، لكنه يتكرر ضمن الاستقلالية... وبحث واستقصاء عن فضاءات داخلية رحبة... وذاكرة مسلّطة على المستقبل. وكم من ذكريات تظل تسكن الحاضر. ويعود كل ذلك أساساً إلى التلفاز، وبرامجه التكريمية، ونواديه السينمائية، وبثه لسلسلة أعمال المخرجين، تماماً كما يمكننا القول إننا مدينون به للمكتبات السينمائية، وللفيديو حالياً. كل مخرج فرنسي هو فارس متوحد. ومع ذلك، مازالوا، الواحد تلو الآخر، ومنذ مائة سنة، يعززون ذبذبة الموجة الأعلى. خمسة وستون منهم يفسرون، هنا، السينما الفرنسية.

الفهرس...

- تقديم... - جوهامان. - ابل غانس. - جان كوكتو. - مارسيل ليربييه. - جان رينوار. - مارسي بانيول. - أندريه هينيبال. - روجيه ريشبي. - رينيه كلير. - ليونيد موغي. - مارك اليغريه - كلود أوتون -لارا. - كريستيان-جاك. - جان دريفيل. - بيار بريفير. - إيف اليغريه. - موريس كلوش. - هنري جورج كلوزو - جان ديلانوا. - جاك تاتي. - مارسيل كارني. - أندريه كايات. - جان-بول لوشانو. - هنري كاليف. - جيل غرانجييه. - جان إيماج. - رينيه كليمون. - راؤول أندريه. - بيان غاسبار-ويت. - جان بيار ملفيل. - جاك باراتييه. - نوربير كاربونو. - اليكس جوفيه. - غي لوفران. - جيرار أوري. - إيف روبير. - إريك روهمر. - هنري فرناي. - إيف سيمامبي. - ميشال بوارون. - هنري كولبي. - دنيس دي لاباتوليير. - مارسيل كامي. - جورج فرانجو. - ألان رينيه. - ألان روب غربييه. - فريدريك روسيف. - ألكسندر روسيف. - برنار بوردوري. - كلود سوتيه. - جان جيرو. - جان -شارل تاكيلا. - كلود بينوتو. - جورج لوتنر. - بيار غرانييه-ديفير. - بيار إيته. - إدوارد مولينارو. - بيار شوندورفر. - جاك دوراي. - كلود شابرول. - جاك دومي. - ميشال دوفيل. - لوي مال. - فرانسوا تروفو.







مواقع صديقة

 

آفاق سينمائية

مجلة إلكترونية أسبوعية