رغم التدهور الاقتصادي والفقر وانتشار الأمية، تعد التجربة الموريتانية في السينما، التي استضافت مهرجان “نواكشوط للفيلم القصير”، خلال الأيام القليلة الماضية، رائدة. «تعدد الثقافات وامتزاج الهوية والموقع الجغرافي».. أبرز المقومات التي شكلت السينما الموريتانية؛ حيث تقع موريتانيا فى شمال غرب إفريقيا على شاطئ المحيط الأطلسي، وتجمع بين شمال وجنوب القارة السمراء، وتضم فئات مختلفة ما بين عرب وأمازيغ وأفارقة، ويعيش أهلها على مهنة الصيد البحري. عرف الشعب الموريتاني السينما من خلال «سيارة العفاريت» في أربعينيات القرن الماضي، حيث كانت عربات متنقلة تجوب الشوارع تابعة للمستعمر الفرنسي، الذي كان يحتل البلاد آنذاك، وداخل العربات شاشات يعرض عليها انتصاراتهم في الحرب العالمية الثانية لتنقل سحر الصورة إلى هذا المجتمع البسيط.كان لـ”أفال” دور كبير في السينما الموريتانية؛ فأنشأ عددا من دور العرض السينمائية في العاصمة نواكشوط، بالإضافة إلى شراء سينما “آل غوميز”، ولم يقف عند هذا الحد، بل أنتج العديد من الأعمال السينمائية، قد لا ترتقي أن تكون أعمالا احترافية، لكنها ساهمت في تأسيس التجربة الموريتانية، ومن أفلامه “ميمونة، وبدوي في الحضر، وترجيت”.ن المعوقات التي واجهت السينما الموريتانية، عدم وجود صالة عرض واحدة أو معهد متخصص في تدريس السينما، أو وزارة ثقافة مكلفة بدعم السينما والفنون أو دعم حكومي لإنتاج أفلام سينمائية أو اهتمام من جانب التليفزيون الوطني، ما أدي إلي نقص الإنتاج المحلي، فكل محبي السينما لا يجدون إمكانيات لصناعة السينما أو مناخ يصلح للعمل. وكان تأثير هذه المعوقات واضح في انحصار السينما الموريتانية في إنتاج الأفلام الوثائقية فقط نظرا لمحدودية الوسائل وضعف الإنتاج، ومن بين هذه الأفلام “الباحثات عن الحجر” للمخرجة مريم منت بيروك، الذي يتناول نساء مدينة ازويرات في رحلة بحثهن عن الأحجار الكريمة، وتوج هذا الفيلم في مهرجان “فيسباكو”، كما فاز بجائزة الأمل الوثائقي في مهرجان السينما الإفريقية الخامس ببروكسلورغم عدم وجود صالة عرض واحدة فى موريتانيا، إلا أنهم نجحوا في تنظيم مهرجان سينمائي عالمي تحت مسمي “الأسبوع الوطني للسينما”، الذي يقام سنويا بمشاركات عالمية وعربية وإفريقية متنوعة، وتم تغيير اسم المهرجان إلى “مهرجان نواكشوط للفيلم القصير”، الذي تنظمه دار السينمائيين الموريتانيين بالتعاون مع الحكومة، وبدعم من مجموعة نواكشوط الحضرية وولاية إيل دو فرانس وبشراكة مع ممولين محليين عديدين.