كتابة : نزار شهيد الفدعم
رغم الحرب وأهواله والدمار الذي يخلفه كل يوم والحصار الذي يفرضه الإخوة والأشقاء وبعض دول الجوار على سوريا وشعبها لكن السينما السورية تولد من رحم الخراب والدمار والموت وهي أقوي مما كانت عليه قبل الحرب...
وتقاتل وزارة الثقافة ومؤسسة السينما السورية من أجل ديمومة الإنتاج وتطوير خطط العمل واستثمار الطاقات المتوفرة والموجودة والاستعانة بالخبرات الأجنبية من أجل صنع أفلام بمواصفات عالية وعالمية ، وخلال أيام مهرجان العراق السينمائي الدولي الأول تعرفت على مجموعة من الأفلام السورية التي أنتجت خلال السنوات الأخيرة فلم مريم للمخرج باسل الخطيب (2012حصد الجائزة الأولى من مهرجان مسقط بدورته الثامنة ومهرجان وهران بدورته السابعة ومهرجان الداخلة المغربي بدورته الرابعة )وفلم بانتظار الخريف للمخرج جود سعيد (2015نال جائزة أفضل فيلم بمسابقة أفاق السينما العربية من مهرجان القاهرة بدورته الأخيرة) وفلم أنا وأنت وأمي وأبي (2015)وفلم العاشق للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد وفلم فانية وتتبدد (2015) للمخرج نجدة أنزور ، وكان كل واحد من هذه الأفلام يستحق جائزة لكن إدارة المهرجان قررت أن تكون كل الأفلام المشاركة بالمهرجان فائزة تقديرا للقضايا المطروحة فيها (السينما بمواجهة الإرهاب ). هذه الأفلام وغيرها عكست الواقع السوري برؤى" متعددة وبأساليب سينمائية مختلفة لكنها متقدمة فنيا وفكريا لذلك صارت محط أنظار المهرجانات السينمائية العالمية وصناع السينما والمهتمين فيها من اكاديمين ودارسين وهواة . وإذا كانت الفضائيات العربية قد فرضت حصارا " ظالما" على بعض من نتاج المسلسلات السورية وعلى بعض الفنانين والفنيين الذين ارتبطوا بتراب سوريا وسمائها وشعبها من خلال محاولة صنع نجوما" يجسدون أفكارها وراؤها من خلال تركيزها على مسلسلات تخدم قضاياها عبر مغازلة الماضي بعيدا عن سوريا المعاصرة المتمدنة والمتحضرة التي تخوض حربا" شرسة مع قوى الظلام والتكفيريين لأنه الماضي المعبئ بروح الانتقام والثأر والتخلف يخدم أهداف هذه الفضائيات بدائرة الصراع الدائر اليوم ، لكنها من جانب أخر فتحت أفاقا" كبيرة " وواسعة للسينما السورية كي تحلق عاليا بين مهرجانات العالم ودوره عرضه وهذا كله يحسب لمديرية السينما والمسرح في وزارة الثقافة السورية التي لم ترتكن للكسل بل بحثت ومدت يد التعاون مع القطاع الخاص من اجل الإنتاج بصيغ مقبولة للطرفين تنقذ السينما السورية من الركود وتحرك الساكن في هذا الجسد الكبير المبدع المملوئه بالعطاء والإبداع أعمالا فنية تحاكي الواقع اليومي للحياة الاجتماعية السورية وتنقل لنا حكايات معبرة عن الأوجه المختلفة لصراع الوجود مع عدو جاهل ومتخلف ومدمر وتأثيره هذه الحرب الدائرة على الحياة اليومية للطبقات الشعب كافة قريبا حصد فلم سوريين للمخرج باسل الخطيب جائزة أفضل مخرج من مهرجان الإسكندرية وفازت الممثلة السورية رنا شميس بجائزة أفضل ممثلة من المهرجان ذاته عن فلم فانيا وتتبدد واليوم تصلني الإخبار عن اختيار فلم رسائل الكرز للنجمة السينمائية السورية سلاف فواخرجي للمشاركة في مهرجان سان بولو في البرازيل وكان الفلم قد حصد العديد من جوائز المهرجانات التي شارك بها في السنة الأخيرة . الأفلام الروائية السورية الطويلة والقصيرة والوثائقية تجوب العالم متحدية كل حصار حتى تبلغ رسالتها الفكرية والحضارية ولا يكاد يمر شهر من دون إن تنقل لنا الإخبار النجاحات التي تحققها السينما السورية وهي تعيش حالة الحرب يوم بيوم وتتحدى العدوان بالإيمان والفكر والانسان والمدنية والتحضر .