يُشكِّل "ورقة بيضا"، لهنري بارجيس، نموذجاً لفيلم سينمائي تجاري لبناني مقبول، رغم بعض الهنات التي تشوب النصّ الدرامي، والتقنيات المتعلّقة بالمؤثّرات البصرية، وبعض الحوارات، خصوصاً على مستوى كيفية نُطق بعضها. ففي ظلّ انعدام المقوّمات الأساسية لصناعة سينمائية متكاملة في لبنان؛ وفي مقابل اتّساع المساحة الإنتاجية أمام نوعين اثنين، يتناقضان في كل شيء، ويتوزّعان على الاستهلاكي المُسطّح والباهت من جهة أولى، وعلى النخبوي ـ الساعي إلى إشاعة صورة سينمائية متينة الصُنعة الإبداعية والجمالية والفنية ـ من جهة ثانية؛ يأتي "ورقة بيضا" ليطرح سؤال المواءمة الممكنة بين بُعدٍ تجاريّ وصورة سينمائية (وإنْ تحتاج إلى بعض التشذيب)، في تحقيق فيلم يروي حكايات أشخاصٍ عديدين، في بيئات اجتماعية لبنانية مختلفة، يلتقون في عالم القمار، وما يحيط به من أحوالٍ ومتاهات وصدامات. لن يكون "ورقة بيضا" نموذجاً "مثاليّاً" لهذا النوع الثالث ـ المطلوب والمقبول، في مقابل النوعين الاستهلاكيّ المُسطّح والنخبوي العاجز عن تواصل سليم مع شريحةٍ كبيرة من المُشاهدين ـ في صناعة الأفلام اللبنانية. فالهنات فيه تحول دون بلوغه هذه المرتبة، لكنها لن تمنع ظهور مقوّمات بصرية أساسية تصبو إليها، ويُمكن الاعتماد عليها في قراءة نقدية، تتناول متنه الدرامي، وبناءه الفني، ونصّه السينمائي (السيناريو والحوار)، وكيفية تركيب شخصياته.