حسن الإمام ، جدل السينما المصرية


حسن الإمام ، جدل السينما المصرية

 

حسن الإمام ، "مخرج الروائع " كما يسميه البعض ، و "مخرج العوالم " كما يسميه آخرون . هو بالحتمية ، مبدع سينمائي كبير ، كان أحد قامات السينما المصرية في جيلها الأول . نقل إليها العديد من الروايات العربية الشهيرة . وكان تعاونه مع الأديب نجيب محفوظ هو الأهم . كذلك كان صاحب الإنجاز التجاري الأهم في تاريخ السينما المصرية من خلال فيلمه الشهير . خلي بالك من زوزو . الذي عرض متواصلا لأكثر من عام . وحقق أرباحا كبيرة .
في شهر آذار . ولد حسن الأمام . وبهذه المناسبة نسترجع بعضا مما كتبته عنه الصحافة العربية . :
"لو أرت يوما ما أن تعدد أسماء المخرجين الرواد في تاريخ السينما المصرية، فستجد نفسك تذكر أسماء "فطين عبد الوهاب نيازي مصطفى، صلاح أبو سيف، حسن الإمام، حلمي رفلة"، وإذا كنت من متابعي السينما عن قرب فلربما تضيف أسماء مثل "عباس كامل، محمد كريم، محمود ذو الفقار، عز الدين ذو الفقار، وكمال الشيخ"، هؤلاء يمكن أن نطلق عليهم جيل الرواد في السينما المصرية على تباين أعمارهم الفنية. أطلق عليه النقاد مخرج الروائع، وأفضل من قدم روايات نجيب محفوظ في السينما.. متعدد المواهب، شاهدناه مخرجا، مؤلفا وكاتب أغانٍ، وممثلا، قدم للسينما حوالي 101 فيلم يحملون اسمه كمخرج، إضافة إلى 38 عملا يحملون توقيعه كمؤلف، عُرف بأفلامه "الميلودرامية"، إلا أنه قدم العديد من الألوان السينمائية كالفيلم الغنائي. المترجم ولد حسن الإمام بمدينة المنصورة في مثل هذا اليوم، 6 مارس عام 1919، وكان والده يعمل في تجارة الدخان. انتقل حسن مع والده إلى القاهرة وتلقى تعليمه في مدرسة الفرير بالخرنفش، وبعد بلوغه سن الـ17 عاما، توفي والده فجأة بعد خسارته الشديدة في التجارة، ولأنه عاشق للمسرح والفن استغل الإمام إجادته الإنجليزية والفرنسية، وقام بترجمة المسرحيات والمونولوجات الفنية الشهيرة وبيعها للفرق المسرحية وقتها، حتى تعرف على الفنان يوسف وهبي الذي قرر أن يكون الإمام مساعده في عمله المسرحي ثم السينما. ومن خلال علاقته بوهبي تعرف الإمام على دقائق العملية الفنية، حتى أنه ظهر في عدد من الأفلام مثل فيلم "دنانير" عام 1939، وفيلم "وادي النجوم" 1943، وفيلم "طاقية الإخفاء" عام 1944. ومثلما كانت اللغة هي السبب في العلاقة بينه وبين يوسف وهبي، كانت أيضا السبب في معرفته بالمخرج الكبير نيازي مصطفى الذي اختاره ليكون مساعدا مخرجا في فيلم "شارع محمد على" عام 1944، هذا ما تقوله قاعدة بيانات السينما، لكن في الحقيقة كان حسن الإمام عامل كلاكيت في استديو مصر حتى عام 1946، وتخلل تلك الفترة عمله كمخرج مساعد في فيلم "حسن وحسن" عام 1945 مع نيازي مصطفى أيضا، واختاره المخرج إبراهيم عمارة مساعدا له في فيلم "القرش الأبيض" في نفس العام، وفي عام 1946 قدم الإمام آخر أعماله كمخرج مساعد مع المخرج أحمد جلال في فيلم "عودة الغائب". وشهد عام 1946، علامة بارزة في مسيرة حسن الإمام، حيث دخل أولى تجاربه كمخرج، حينما قدم فيلم "ملائكة جهنم" - بطولة فريد شوقي، سراج منير، فاتن حمامة وأمينة رزق- أعقبه فيلم "الستات عفاريت" عام 1947، وهو فيلم كوميدي بطولة محمود المليجي، عزيز عثمان، حسن فايق، ثريا حلمي وليلى فوزي، من تأليف أبو السعود الإبياري. وفي عام 1948 قدم حسن الإمام فيلمه الثالث "الصيت ولا الغنى" وقدم نفسه كمؤلف سينمائي لأول مرة من خلال هذا الفيلم، الذي كان من بطولة محمد عبد المطلب، نرجس شوقي، هاجر حمدي، على الكسار ومحمود شكوكو. ميلودراما الخمسينيات ولأن المزاج العام وقتها لم يكن يستوعب أفلاما خفيفة أو كوميدية وخاصة بعد نكبة فلسطين، اتجه الإمام لتقديم الأفلام الميلودرامية، بدأها بفيلم كتبه مع أبو السعود الإبياري، "اليتيمتين" بطولة فاتن حمامة، ثريا حلمي، فاخر فاخر ونجمة إبراهيم، والذي عرض في 8 نوفمبر 1948، ثم قدم عام 1950 "أنا بنت مين"، بطولة فريد شوقي، ليلى فوزي، ومحسن سرحان، ومن تأليف محمد مصطفى سامي. وظل الإمام يقدم أفلامه الميلودرامية لمدة طويله قاربت 14 عاما، عرض خلالها أفلام مثل "ظلموني الناس، حكم القوي، أنا بنت ناس، أسرار الناس، غضب الوالدين، زمن العجائب، كأس العذاب، تاجر الفضائح، بائعة الخبز، الملاك الظالم، قلوب الناس، إغراء، لواحظ، الحب العظيم، وكر الملذات، الشيطانة الصغيرة، عواطف، صائدة الرجال، التلميذة، الخرساء، الخطايا، المعجزة، وشفيقة القبطية". في رحاب محفوظ وفي عام 1962 حدث ما غير مجري حياة حسن الإمام تماما، حينما اعتذر المخرج الكبير صلاح أبو سيف عن تقديم ثلاثية نجيب محفوظ لانشغاله بالأمور الإدارية في المؤسسة المصرية العامة للسينما، ورشح بدلا منه حسن الإمام الذي قدم أول أفلام الثلاثية "بين القصرين" عام 1962، سيناريو وحوار يوسف جوهر، ثم قدم في عام 1963 فيلم "زقاق المدق" لنجيب محفوظ أيضا سينارو وحوار سعد الدين وهبة. وبعدها توقف حسن الإمام عن تقديم أعمال محفوظ لمدة 4 سنوات، شهدت خلالها عددا من أفلامه إلى أن عاد عام 1966 وأنهى الجزء الثاني من الثلاثية "قصر الشوق"، سيناريو وحوار محمد مصطفى سامي. وفي العام التالي قدم حسن الإمام فيلما غنائيا "إضراب الشحاتين" عن قصة إحسان عبد القدوس، سيناريو وحوار محمد مصطفى سامي. أخذت أفلامه طابعا مختلفا بعد تلك الفترة، كأنما أنضجته تجربة الثلاثية، فقدم تنوعا في نوعية أفلامه، فدخل "التشويق والأكشن، التراجيدية، الأفلام الخفيفة والاستعراضية" حتى عام 1972، حينما واجه عاصفة عاتية من السينمائيين وقتها. خلي بالك من زوزو كانت مصر وقتها في حالة اللاسلم واللا حرب، وكل من عاش تلك الفترة يروي عن مدى انقسام الشارع المصري بين المؤمن بحق عودة الأرض والحرب من أجل رد الكرامة والاعتبار، وبين المتناسي للأمر برمته.. عام أسماه الساسة عام الضباب، وقتها انقشع هذا الضباب عن حسن الإمام وصلاح جاهين وسعاد حسني بفيلمهم الخالد "خلي بالك من زوزو" الذي كان الأكثر في إيرادت السينما وقتها، بل أكثر الافلام استمرارا في دور العرض، حيث ظل يعرض لمدة عام كامل، وهو رقم لم يحققه أي فيلم عربي حتى الآن. استقبل الجمهور الفيلم بحفاوة بالغة بينما استقبله عدد من السينمائيين والنقاد بغضب شديد، حتى إن زوج السندريلا سعاد حسني وقتها، المخرج على بدرخان، كان على رأس أولئك الغاضبين الرافضين للفيلم. وتباينت أراء الرافضين حول أن فيلما بهذه "البهجة" لا يصح إنتاجه في حالة حرب، إضافة لاعتراضهم الشديد أن تكون بطلة الفيلم راقصة، وأن تصبح مثالا للقيم الجميلة وطالبة مثالية وما إلى ذلك، وبعيدا عن الآراء، إلا أن الفيلم يعد واحدا من الأفلام الخالدة في تاريخ السينما المصرية، وتظل أغنيات مثل "خلي بالك من زوزو" و"ياواد يا تقيل" علامات بارزة رغم وفاة صانعيها. وفي عام 1973 قدم حسن الإمام الجزء الأخير من الثلاثية "السكرية" سيناريو وحوار ممدوح الليثي، وهو الجزء الذي لم يكن في نفس مستوى الجزئين السابقين. وبعد تجربة "خلى بالك من زوزو" حاول الإمام تقديم الفيلم الغنائي مرة أخرى حينما قدم مع المطربة وردة عام 1973 فيلم "حكايتى مع الزمان" سيناريو وحوار محمد مصطفى سامي، كما قدم عام 1974 فيلم "بمبة كشر" تأليف جليل البنداري ومحمد مصطفى سامي وبطولة نادية الجندي وسمير صبري. حاول الإمام تكرار تجربة "خلى بالك من زوزو" عام 1974 حينما كتب صلاح جاهين وممدوح الليثي فيلم "أميرة حبي أنا" واختار الإمام نفس أبطال فيلمه السابق سعاد حسني وحسين فهمي، إلا أن الفيلم لم يلاق نفس النجاح الذي لاقاه "خلي بالك من زوزو". الإمام ممثلاً وشاعرًا خاض الإمام تجربته في الأداء التمثيلي في السينما في العديد من الأفلام، قاربت 12 عملا، بدأها عام 1939 بفيلم "دنانير"ثم "وادي النجوم" عام 1943، "طاقية الإخفاء" عام 1944، و"اليتيمتين"، كما ظهر في عدد من أفلامه، مما أثار الجدل، كفيلم "أنياب" عام 1981 مع المخرج محمد شبل. وكتب حسن الإمام عددا من الأغاني في أفلامه مثل أغاني فيلمه "امتثال"، وكلمات الموال اللبناني في فيلمه "أميرة حبي أنا" وكلمات أغنية فيلم "ليلة الجمعة" عام 1945. وبعد رحلة استمرت حوال 69 عاما ترك لنا فيها حوالي 150 عملا فنيا بين إخراج وتأليف وتمثيل وكلمات أغاني، وترك لنا أيضا نجليه حسين الإمام ومودي الإمام، ليمتعونا موسيقى وتمثيلا، توفي حسن الإمام في 29 يناير عام 1988.
يوسف وهبي
كانت المرحلة التالية والأهم في حياة حسن الإمام عمله مع الفنان يوسف وهبي، وتمثل البداية الحقيقية له، حيث عمل مساعدا له في المسرح ثم السينما بعد ذلك، واستطاع أن يقترب من شخصية يوسف وهبي، ويطلع على خبراته في مجال المسرح، وكان حسن الإمام من الذكاء أنه لم يرفض حتى أداء الأعمال البسيطة على المسرح، وبذلك استطاع أن يدرك العملية الفنية من الألف إلى الياء، وفي العديد من حواراته القديمة قال حسن الإمام أنه يدين بالفضل الأول في نجاحه إلى يوسف وهبي، الذي علمه كيفية اختيار قصصه، وكيف يكون قائدًا في البلاتوه.
لم يكتف حسن الإمام بالعمل مع يوسف وهبي، إذ عمل مساعدا للعديد من المخرجين منهم نيازي مصطفى الذي قال عنه أنه أستاذه الذي علمه الإخراج، وبعد فترة من العمل كمساعد مخرج، قرر أن يخوض التجربة الإخراجية الأولى من خلال فيلم ملائكة في جهنم عام 1946 بطولة فاتن حمامة و فريد شوقي و سراج منير، وكان هذا الفيلم أولى تجاربه مع نوعية الميلودراما، حيث تدور القصة حول الأب الذي يشك في زوجته ويتخلى عن ابنته ويكتشف خطأه بمساعدة شقيقته ليسعى لإعادة الفتاة فيحصل على فتاة أخرى، وفي العام التالي أخرج فيلمين هما الستات عفاريت لـ إسماعيل يس، ثم الصيت ولا الغنى الذي حقق نجاحا كبيرا، وتدور قصته حول التحولات التي تحدث لفقراء عند هبوط الثروة عليهم.

ملك الميلودراما
تميز حسن الإمام منذ بدايته كمخرج بنوعية أفلام الميلودراما التي تستدر عطف المشاهدين وتستدعي دموعهم، وكان حريصًا على أن تكون في أفلامه حكمة وعبرة، ولهذا وصلت إلى الناس بسهولة، بسبب موضوعاتها الإنسانية، ونزعتها الأخلاقية، ومن أهم تلك الأعمال التي حققت نجاحًا كبيرًا، سلسلة الأفلام التي قدمها لفاتن حمامة بداية من اليتيمتين، ثم أنا بنت ناس، الملاك الظالم، حب في الظلام، أنا بنت مين، وكانت فاتن حمامة تقدم في هذه الأفلام دور الفتاة البريئة المظلومة.
لم يتوقف حسن الإمام عند أفلام الميلودراما فقط، إذ قدم أيضًا الأفلام الغنائية والاستعراضية، والأفلام المأخوذة عن روايات لكبار الكتاب، وأبرزها بالطبع ثلاثية نجيب محفوظ " بين القصرين"، " قصر الشوق" و" السكرية"، وكان في كل هذه الأفلام يضع بصمته الخاصة وأسلوبه المميز الذي لا يشبه أحدًا، فحقق نجاحًا كبيرًا.

مكتشف النجوم
لعل أبرز ما ميز المخرج حسن الإمام طوال مشواره الفني الذي امتد حوالي 40 عامًا قدم خلاله أكثر من 80 فيلمًا، هي قدرته الكبيرة على اكتشاف النجوم، سواء من خلال تقديم نجوم جديدة على الساحة، أو إعادة اكتشاف بعض النجوم، وتقديمهم بشكل مختلف تمامًا عن نوعية الأدوار التي اعتادوا القيام بها، فنجد مثلاً الفنانة نادية لطفي التي كانت تظهر دائمًا في دور الفتاة الارستقراطية الجميلة، قدمها حسن الإمام بشكل مختلف تمامًا من خلال فيلم قصر الشوق، حيث ظهرت في دور راقصة شعبية، وهناك أيضا الفنان يحيى شاهين الذى كان مشهوراً بأدواره الجادة الملتزمة، فقدمه مخرج الروائع في دور عمره في ثلاثية نجيب محفوظ، من خلال شخصية أحمد عبد الجواد، ليصبح هذا الدور من أبرز أدوار يحيى شاهين على الإطلاق، هناك أيضا شادية التي اشتهرت في سنواتها الأولى بأدوار الفتاة الدلوعة الشقية، ولكنها قدمت نوعية أدوار مختلفة مع حسن الإمام، مثل دور حميدة في زقاق المدق، ونعمت في التلميذة، ولا ننسى أيضا فريد شوقي الذي أعطاه دور البطولة لأول مرة من خلال فيلم كأس العذاب أمام هدى سلطان، كما قدم صلاح قابيل و حسن يوسف في زقاق المدق، و نور الشريف في قصر الشوق، و زيزي البدراوي الذي اكتشفها وأطلق عليها اسم زيزي تيمنًا باسم ابنته.

حسن الإمام كان صاحب فضل كبير أيضا على الفنان حسين فهمي، حيث رشحه لأول بطولة سينمائية من خلال فيلم دلال المصرية، فور عودته من بعثة دراسية في الولايات المتحدة الأمريكية، ولم يكن أحد قد عرفه بعد، لأن فيلمه الأول نار الشوق لم يكن قد خرج للنور، ورغم ذلك رأى فيه مواصفات البطل السينمائي، وكان هذا الفيلم هو البداية الحقيقية لحسين فهمي في عالم النجومية. ولا يمكن أن نذكر الفنانين الذين قدمهم حسن الإمام دون أن نذكر النجمة هند رستم، حسن كان المخرج الكبير أول من آمن بموهبتها، فتبناها فنيًا، وأعطاها النجومية والشهرة من أوسع أبوابها، وكانت بداية التعاون بينهما عام 1955، عندما أخرج لها ثلاثة أفلام متتالية، بل أنتج اثنين منهم، في الفيلم الأول بنات الليل أدت دور امرأة تعمل كراقصة لكسب قوتها، تتعرف على بحار، فيعتدي عليها ثم يختفي، تتنازل الراقصة عن ابنتها لامرأة عاقر، وبعد مرور السنين تحاول استردادها لكنها تموت بعد أن تعلم أن ابنتها تعيش مع والدها الحقيقي، وفي الفيلم الثاني الجسد تلعب دور فتاة تشجعها أمها على تعلم الرقص والاستجابة لإغراءات صاحب الشركة التي يعمل بها والدها، رغم اعتراضات الوالد، لكن الفتاة تموت في النهاية بالسل بين يدي حبيبها ابن صاحب العمل، وفي الفيلم الثالث اعترافات زوجة تقوم بدور زوجة طبيب تجرها إحدى الساقطات إلى عالم الرذيلة، وبعد عدة مصادفات تُتهم في جريمة قتل تبرئها منها المحكمة لكنها تنتحر في النهاية، حققت تلك الأفلام نجاحًا كبيرًا، وتجدد التعاون مرة ثانية في أوائل الستينات من خلال فيلم شفيقة القبطية التي قامت فيه بدور راقصة، ثم الراهبة، وكان فيلم عجايب يا زمن هو آخر تعاون فني بين هند والإمام عام 1974، وذلك قبل اعتزالها الفن في نهاية السبعينيات.
خللي بالك من زوزو
عند الحديث عن أفلام حسن الإمام، لا يمكن أن نتجاهل أحد أهم أفلامه وأكثرها نجاحًا، وهو خللي بالك من زوزو، الذي حقق نجاحًا جماهيريًا بشكل غير مسبوق، حيث استمر عرضه في السينمات لأكثر من عام كامل، وهو ما لم يحققه أي فيلم عربي آخر، وقدمت فيه سعاد حسني أحد أهم أعمالها على مدار تاريخها.
وقد قدم حسن الإمام هذا الفيلم بعد توقف ثلاثة أعوام عن الإخراج، حيث كانت تعاني السينما المصرية من أزمة شديدة بعد نكسة 1967، ثم كانت العودة القوية لمخرج الروائع بهذا الفيلم، وقد استغل حسن الإمام نجاح الفيلم ليقدم بعده فيلم أميرة حبي أنا بنفس الأبطال.

مخرج العوالم
على الرغم من النجاح الكبير الذي حققته أفلام حسن الإمام، وتقديمه لكل نوعيات الأفلام الرومانسية، الاستعراضية، الغنائية والاجتماعية، إلا أن كثيرًا من النقاد تجاهلوا هذه الأفلام برغم تميزها، وانتقدوه بشدة بسبب تقديمه لعدد من الأفلام التي تؤرخ لحياة الراقصات، فأطلقوا عليه لقب مخرج العوالم، رغم أن هؤلاء الراقصات كن جزءًا لا يتجزأ من نسيج الحياة الاجتماعية، ومن هذه الأفلام امتثالالذي قدم حياة الراقصة امتثال فوزي، وهو من بطولة ماجدة الخطيب و عادل أدهم، و بديعة مصابني الذي سرد قصة هذه الراقصة اللبنانية التي أصبحت صاحبة أكبر ملهى في مصر، وجسدت نادية لطفي دور بديعة مصابني، بينما لعب فؤاد المهندس دور نجيب الريحاني في الفيلم،كما قدم أيضًا فيلم بمبة كشر من بطولة نادية الجندي.

نعمت
كانت الحياة الخاصة للمخرج حسن الإمام مثالية إلى حد كبير، حيث تزوج من خارج الوسط الفني من السيدة نعمت الحديدي، وأنجب منها ثلاثة أبناء، الفنان حسين الإمام، مودي الإمام، و زينب الإمام الصحفية بالأهرام والتي عملت معه لفترة في ترجمة بعض النصوص الفرنسية.
وكان حسن الإمام حريصًا على إطلاق اسم زوجته نعمت على بطلات أفلامه في العديد من الأفلام مثل اليتيمتين، الجسد، بائعة الخبز، أنا بنت ناس، وغيرها من الأفلام، وعلى الرغم من عمل حسن الإمام مع كل نجمات السينما الكبار، إلا أن علاقته بجميع بطلات أفلامه كانت تقوم على الاحترام، ولم تربط الإشاعات سوى بينه وبين الفنانة هند رستم، فبعد النجاح المدوي الذي حققته معه، تحدثت بعض الصحف عن ارتباطهما، بل وذكرت بعض الصحف أنه طلب الزواج منها وأنها رفضت، ولكن الفنانة هند رستم في العديد من حواراتها أنكرت هذه الشائعات وقالت "لم تكن أكثر من كونها شائعة ومجرد كلام صحف ومجلات.. لان المخرج الرائع حسن الإمام رجلا يحترم بيته ويقدس حياته الأسرية، وزوجته نعمت الحديدي كانت صديقتي.. واحتضنتني في بداياتي".

حسن الإمام.. ممثلًا
لم يكن حسن الإمام مخرجًا مبدعًا فقط، بل كان أيضًا عاشقًا للتمثيل، وكان حريصًا على أن يظهر في جميع أفلامه في لقطة من هذه الأعمال، وكان يردد دائمًا أن ظهوره في لقطات أفلامه تأكيدًا لبدايته التي عمل فيها ممثلاً في مسرح رمسيس تحت رعاية أستاذه يوسف وهبي.
ولم يقتصر حسن الإمام على الظهور في أفلامه فقط، إذ قام بالتمثيل أيضا في أفلام من إخراج غيره، ولعل أشهر أفلامه كممثل، دوره في فيلم مدافن مفروشة للإيجار مع نجلاء فتحي و محمود ياسين، حيث قام بأداء دور التربي "الريس عياش" الذي يؤجر المدافن مفروشة للأحياء، وفي حوار قديم معه أثناء تصوير الفيلم قال "لقد اكتشفت وبدون فخر تسعين في المئة من فنانى وفنانات مصر، حتى جاء علي عبد الخالق ليكتشفني، وها أنا أعود لنفس البداية بعد خبرة العمر".

خلافه مع عمر الشريف
كانت علاقة حسن الإمام جيدة بكل الفنانين الذين تعامل معهم، ومن لم يحالفهم الحظ بالعمل معه، ولم تتحدث الصحف عن خلافات بينه وبين أحد، إلا في خلافه الشهير مع الفنان عمر الشريف، حيث كان من المفترض تحويل رواية أهل الكهف لـ توفيق الحكيم لفيلم سينمائي يقوم ببطولته عمر الشريف ويخرجه حسن الإمام، ولكن جاء رفض عمر الشريف للفيلم وقوله أن حسن الإمام مخرج تقليدي، ليثير غضب مخرج الروائع بشدة، ويبعث برسالة لعمر الشريف عبر جريدة الأخبار عام 1982 قال له فيها "قرأت رأيك في الأخبار بأنك رفضت فيلم أهل الكهف لأني مخرج تقليدي، أتحداك أن تكون قرأت سيناريو أهل الكهف لأنه مكتوب بلغة عربية سليمة، وفكرتي في إسناد دور لك في فيلم أهل الكهف جاء نتيجة للجدعنة والكرم المصري، فعند عودتك قلت لنفسي أن نقول لك أهلا وسهلا في بلد تركته أنت لتكون عالميًا، ولكنك للأسف ولا شماتة أصبحت عالميًا في عالم الدعاية، وأخيرا أقولها بصراحة أنت رفضت أهل الكهف لأنك خفت من إلقاء العربية أمام فطاحل مصرية مثل محمود ياسين وعبد الله غيث وحمدي غيث وأى ممثل مصري، أما قولك أنني مخرج تقليدي فأنت تذكرني بالماضي، يوم أن كنت أرفض وساطة سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة لإسناد الأدوار إليك".







مواقع صديقة

 

آفاق سينمائية

مجلة إلكترونية أسبوعية