ليست هوليوود دائما ، مكان صنع الأحلام والأمجاد لدى مخرجي السينما ، حتى الأمريكيين ، إذ ، صارع عديد من مخرجي السينما الأمريكية هذه العاصمة السينمائية الجبارة ، وولدت السينما المستقلة ، التي ما زالت تتصارع مع هوليوود و تحقق عليها بعض الإنتصارات . ولعل المخرج السينمائي أوليفر ستون من أهم المخرجين الذين لا تحبهم هوليوود ، ولا تفكر طبعا بالعمل معهم . ستون ، يفضل في أعماله أن يقدم شخصيات تاريخية ، تؤرخ لمراحل تاريخية هامة في التاريخ الإنساني . فهو قدم في أعماله الروائية العديد من الأفلام التي تصدت لشخصيات هامة . الأسكندر المقدوني في اليونان مع ما كلفه ذلك من إنتقادات يونانية كبيرة ، كونه أظهر بعض التفاصيل الشخصية في حياته .
ثم نيكسون في أمريكا ، مستعرضا الفضائح السياسية الكبيرة التي كانت تعصف بالدولة الأمريكية والطبقة السياسية الحاكمة فيها . وكذلك بوش الابن . وحتى في أعماله الوثائقية قدم فيلمين عن شخصيتين عالميتين غير محببتين أمريكيا هما فيدل كاسترو(القائد كاسترو في الشتاء ) وياسر عرفات (عرفات ) . ويتعبر الفيلمان منبوذين . في فيلم سلفادور ، تصدى لموضوع الأحداث السياسية التي تقع في السلفادور ، وكيف تساند الدولة الأمريكية هناك القوى اليمينية المتسلطة ، على حساب الشرعية اليسارية التي تناصبها الولايات المتحدة العداء .
ومن خلال هذا الفيلم ، عد ستون ، يساريا ثوريا ، يناهض السياسة العليا في أمريكا . وهذا ما كلفه الكثير من المواقف الصادمة لما يقدمه من سينما لاحقا . تم ترشيح الفيلم لجائزة الأوسكار أفضل ممثل وجائزة الأوسكار أفضل سيناريو. عام 1987 يتحدث عن صحفي أمريكي يقوم بتغطية الحرب الأهلية في السلفادور فيتورط بين الثوار اليساريين والميليشيات اليمينية. ويظهر الفيلم تعاطفًا كبيرًا مع الثوار اليساريين بينما ينتقد بشدة الجيش اليميني المدعوم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. يركز الفيلم على حادثة مقتل أربع راهبات أمريكيات واغتيال رئيس الأساقفة من قبل ما يسمى بفرق الموت. لم يقف ستون متفرجا ، عندما يتعلق الأمر برواية التاريخ السياسي لبلده ، وهي القوة الأعظم في العالم . بل قدم من خلال مسيرته الفنية العديد من الشخصيات السينمائية العالمية التي تتقاطع بشكل أو بآخر مع ما يريد أن يقدمه من خلال رؤيته للتاريخ العالمي والأمريكي
. وهذا ما جعله يقدم مشروعا وثائقيا تلفزيونيا ضخما ، يتحدث فيه عن تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية . "التاريخ غير المروي للولايات المتحدة" يقول ستون عن نفسه في تقديم سلسلته الوثائقية التلفزيونية : " عندما كنت صبيا في مدينة نيويورك ظننت أنني تلقيت تعليما جيدا، درست التاريخ الأمريكي بشكل موسع، وكان ذلك منطقيا، فقد كنا محور العالم، وكان ذلك قدرنا. جلتُ العالم الآن، وأكملت دراستي كجندي مشاة في فيتنام. صنعت الكثير من الأفلام، بعضها تاريخي. أيقنت أن أولادنا لا يتلقون نظرة عن العالم أكثر صدقا مما تلقينا، لذا أردت أن أروي القصة الأمريكية كما لم يروها أحد من قبل. سنقترح مجموعة منسية من الأبطال، بينهم أشخاص عانوا من أجل معتقداتهم ونسيهم التاريخ، لأنهم لم يكونوا مطيعين، وسنفضح زيف آخرين تؤمنون بهم، ليس بدافع الخبث لكن للاقتراب من الحقيقة، عبر إعادة سرد الوقائع. وما لم نُذّكر أنفسنا بالجيد الذي فقدناه، لن نتمكن أبدا من صنع مستقبل أفضل. لقد ارتكبنا أخطاء ًجسيمة، لكن الفرصة ما زالت متاحة لنصلحها