محمود مرسي ، النجم الهادىء والأعلى في سماء السينما


محمود مرسي ، النجم الهادىء والأعلى في سماء السينما

لم يكن الفنان الكبير محمود مرسي ، شخصا عاديا ، ولا فنانا عاديا ، وكان في الحالتين ، رجلا فيه الكثير من حالات التفرد ، تشي بأن في هذا الرجل صفات الشخص الإستثنائي الذي لا يجود الزمان بمثله إلا لماما . في هذه الأيام تمر ذكرى وفاته . " اسمه بالكامل (محمود مرسي محمد)، ولد في مدينة اﻹسكندرية في عام 1923، درس في القسم الداخلي التابع للمدرسة الثانوية اﻹيطالية، وبعدها التحق بقسم الفلسفة في كلية الآداب بجامعة اﻹسكندرية، ثم سافر إلى فرنسا من أجل دراسة اﻹخراج السينمائي وقضى هناك خمس سنوات كاملة، ثم انتقل إلى بريطانيا ليعمل في هيئة اﻹذاعة البريطانية حتى وقع العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956، فاستقال من عمله وعاد إلى مصر .

" استقر به المقام مذيعا في القسم العربي بالإذاعة الفرنسية، وما كاد يستقر بها، وينظم وقته بين العمل والدراسة حتى فوجىء أن عليه مغادرة باريس مطرودا، إذ قررت السلطات الفرنسية الانتقام لقرار الرئيس عبد الناصر بتأميم شركة قناة السويس، وطرد الخبراء الفرنسيين من مصر . وبعد جهد استطاع أن يلتحق بالقسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية وللمرة الثانية يجد نفسه يحزم حقائبه ويعود إلى القاهرة، احتجاجا على العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وكانت تقوده بريطانيا. كانت موهبة محمود مرسي الكامنة في حاجة لمن يفجرها، ولم يكن صعبا على صديقه يوسف شاهين أن يدركها، وينبهه إلى أهمية وقوفه أمام الكاميرا وليس خلفها، فملامحه ووجهه وقدرته الهائلة على التعبير، والإحساس الصادق العميق الذي يملأ صوته، وما يملكه من حضور، ومقدرة على جذب السامع، كلها مؤهلات تؤهله إلى أن يصبح نجما سينمائيا. ظل محمود مرسي مترددا لفترة طويلة، مارس خلالها العمل كمخرج إذاعي، وقدم العديد من روائع الأدب العالمي، ومع بداية الإرسال التلفزيوني في مطلع الستينيات سافر إلى ايطاليا في بعثة قصيرة لدراسة الإخراج التلفزيوني باستوديوهات روما. كما مارس الإخراج المسرحي، وشارك بالتدريس في معهدي السينما والفنون المسرحية، وكلها كانت تجارب مفيدة له قبل أن تخطفه السينما ممثلا، حيث ظهر لأول مرة على الشاشة الفضية في فيلم «أنا الهارب» لنيازي مصطفى عام 1962، ورغم قصر الدور إلا أن محمود مرسي أودعه كل طاقته وموهبته ولفت إليه الأنظار بقوة وهو ما أشارت إليه الصحافة الفنية يومها عندما أجمعت على انه صاحب موهبة ضخمة. وتوالت أفلامه ونجاحاته: المتمرد، الباب المفتوح، الليلة الأخيرة، الخائنة، زوجتي والكلب، والسمان والخريف، والشحات. و يبقى دور «عتريس» الذي أداه في فيلم «شيء من الخوف» هو الأشهر في تاريخه. الفيلم المأخوذ عن رواية أدبية لثروت أباظة كتب لها السيناريو صبري عزت، وتولى الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي صياغة حوار الفيلم وأشعاره التي لحنها باقتدار بليغ حمدي وغنتها بطلة الفيلم شادية، وشاركها البطولة عدد من ألمح نجوم السينما يومها: يحيى شاهين، سميرة محسن ومحمد توفيق وصلاح نظمي والوجه الجديد محمود ياسين وكان عرضه الأول في 3 شباط عام 1969. كان الفيلم مليئاً بالاسقاطات السياسية الواضحة، والتي كانت تجسد موقف كاتب الرواية ثروت أباظة من الثورة وقادتها، وهو موقف معارض، ولسان حال باشوات العصر الملكي واقطاعيه، والذين رأوا في الثورة مجرد انقلاب عسكري على الشرعية والديمقراطية، وهو ما عبرت عنه أحداث الفيلم بوضوح. وأشارت إلى أن هناك حالة سطو قام بها الضباط الأحرار، الذين رمز لهم الفيلم بعتريس وعصابته، وأن الضحية كانت مصر، التي رمز لها الفيلم بشخصية فؤادة «شادية». كان صناع الفيلم ـ كما يقول الناقد السينمائي علي أبو شادي في كتابه القيم «السينما والسياسة» ـ يحاولون الإشارة إلى ديكتاتورية عبد الناصر وعصابته من رجال الثورة، ويشككون في شرعية نظام الحكم القائم على الاغتصاب. ولم تجد الرقابة يومها صعوبة في أن تضع يدها على تلك المعاني، وأن تعترض، بل لا تكتف بالاعتراض، وتهمس في أذن السلطة أن الفيلم ينتقد عبد الناصر صراحة، وان عتريس ما هو إلا تجسيد له مجرد زعيم عصابة، دموي، غليظ القلب، يعيث في الأرض فسادا، وقائد مجموعة غير شرعية استولت على البلد بالإرهاب والترويع، وتحاول أن تغتصب اشرف ما فيها «فؤادة» وان الصرخات التي تنطلق في نهاية الفيلم. «جواز عتريس من فؤادة باطل» ما هي إلا رفض لسلطة عبدالناصر، بل إن الفيلم يتوقع نهاية دامية درامية قاسية لعبد الناصر، وستسحقه ثورة شعبية مثلما كانت نهاية عتريس الطاغية.

في الثمانينيات ابتعد عن السينما فأتخذ قراره بالاتجاه الى الدراما التلفزيونية، وفيها وضع كل خبرته ورصيده وتجاربه، خاصة مع حسن اختياراته لأدواره وأعماله، التي تكاد جميعها تكون من أنجح ما قدمت الدراما المصرية في ربع قرن الأخير، فقدم «أبو العلا البشري» و«العائلة» و«الثلاثية» و«الرجل والحصان» و«عصفور النار»، و «بنات أفكاري" . عاش محمود مرسي حياته عازفا عن الأضواء، وطوال مشواره الذي يزيد عن نصف قرن لا تجد له حوارا صحافيا أو برنامجا تلفزيونيا إلا فيما ندر، فلا يكاد جمهوره، يعرف عن حياته الخاصة سوى زواجه من الفنانة سميحة أيوب وإنجاب ابن منها هو علاء .

كان مقلا في الأعمال السينمائية فقدم 25 فيلما إلى جانب عدة مسلسلات تلفزيونية حازت إعجاب الجمهور من بينها "زينب والعرش" و"أبو العلا البشري" وثلاثية نجيب محفوظ. ومن أشهر المسلسلات التي مثل فيها "العائلة" الذي حقق نجاحا كبيرا وحارب ظاهرة الإرهاب في مصر في بداية التسعينيات. واشتهر محمود مرسي أيضا بالإلقاء وكان يؤدي الأدعية الدينية بالإذاعة المصرية وقدم أيضا الكثير من الأعمال الإذاعية كان محمود مرسي خجولا جدا ومثقفا وقارئا جيدا. له أصدقاء قليلون. ومن الجدير بالذكر أنه كتب نعيه بنفسه ذاكرا فيه أسماء أقرب الناس إليه وهم أصدقاء العمر. عمل مع أكبر و أهم المخرجين العرب كـ : نيازي مصطفي , حسين كمال , عاطف سالم , محمود ذو الفقار , هنري بركات , كمال الشيخ , حسام الدين مصطفى , أول ما بدأ في الفن بدأ في أدوار البطولة المطلقة , بعد عقدين رائعن جدا لمرسي قدم بهما العديد من الأعمال القوية و بعد عشرين سنة من الخبرة و النجاح و الأداء الفني المميز , كوّن مرسي لنفسه إسم كبير و لامع في عالم الفن السابع , بدأ الثمانيات عام 1981 م بمسلسل بعنوان (دمعة ألم) شاركته البطولة النجمات زيزي البدراوية و سميحة أيوب و ليلى علوي , أتبع بمسلسل اّخر عام 1982 م بعنوان (الرجل و الحصان) بطولة هدى سلطان و محمد رضا و مديحة سالم , في أواسط الثمانيات عاد مرسي للعمل حيث قدم في هذا العام 4 أعمال فنية مسلسلين و فلمين و هـم : مسلسلات (أبو العلا البشري) و (المحروسة) , و فلمي (من يدفع الثمن ) و (سعد اليتيم) الذي لعب دور البطولة إلى جانبه الممثل الصاعد في تلك الفترة النجم أحمد زكي , في عام 1986 م شارك مرسي في فلم (حد السيف) إلى جانب نجوى فؤاد و يونس شلبي و سمية الإلفي و في عام 1987 م قدم مرسي مسلسلين جيدين هما : (عصفور النهار) , و (بين القصرين) قدم مرسي (بين القصرين) المسلسل , النسخة التلفزيونية من الجزء الأول من الثلاثية و يلعب محمود مرسي فيه ينقطع مرسي بعد هذه الأعمال 7 سنوات كاملة , ليعود في منتصف التسعينات إلى أواخر التسعينات بـ ثلاث مسلسلات : (العائلة) عام 1994 م , و (أبو العلا البشري ج2) عام 1998 م و (لما التعلب فات) عام 1999 م , و على صعيد السينما و في التسعينات لم يقدم سوى فلم واحد و هـو : (الجسر) عام 1997 م , و في عام 2000 م حصل محمود مرسي على جائزة الدولة التقديرية تتويجا لمشواره الفني الطويل ,,,,, و في مطلع العقد الأول من الألفية الثالثة يقدم : مسلسله الشهير (بنات أفكاري) عام 2001 م مع الهام شاهين , و مسلسله (وهج الصيف) عام 2004 مع جميل راتب , و هـو اّخر أعماله , توفي في 24 نيسان عام 2004 م بعد حوالي 50 سنة من العطاء .







مواقع صديقة

 

آفاق سينمائية

مجلة إلكترونية أسبوعية