عمر الشريف ، شلهوب ، عربي في السينما العالمية


عمر الشريف ، شلهوب ، عربي في السينما العالمية

أحب الفن والنساء والخيل والقمار ، كان جامحا مغامرا من النوع الذي لا يأبه بالحسابات ولا بقوادم الأيام . عاش حياة مليئة بالمتغيرات ، الفنية والمكانية وحتى الدينية والعاطفية . ميشيل شلهوب ، ابن تاجر الأخشاب الكبير والغني ، المنتمي للطبق البورجوازية الشامية ، في أواسط القرن الماضي ، لم يقبل ، بما يمتلكه من مؤهلات ومواهب أن يكون شخصا عاديا . كان يعمل مع والده ، في تجارة الأخشاب ، عندما وجد الفن إلى قلبه السبيل ، فتبعه ، وكانت البداية في مصر ، حيث ولد وعاش مرحلة الطفولة . فعمل في العديد من المحطات الفنية ، وكانت البداية الحقيقة على يدي صديقه يوسف شاهين . الذي اعتمده في فيلمه الشهير صراع في الوادي ، أمام نجمة السينما المصرية الشابة والفاتنة حينذاك . فاتن حمامة . وكان هذا الفيلم تاريخا خاصا في حياته . فبعده ، ومن خلال تعرفه بفاتن حمامة . صارت زوجة له ، وغير دينه للإسلام . وبدأ مشوار النجومية في السينما المصرية . وبعد 25 فيلما قدم فيها أنواعا عديدة من الشخصيات ، كانت مرحلة العالمية . بداية بفيلم لورانس العرب مع المخرج الانكليزي ديفيد لين . وقدم شخصية الشريف علي . عام 1962 وبعد أعوام ثلاثة كانت التجربة الأهم . بطولة فيلم د زيفاغو مع ذات المخرج . عن رواية الأديب السوفيتتي الشهير .بوريس باسترناك . الذي رفض تسلم جائزة نوبل للآداب عن الرواية نفسها لاحقا . ثم تتالت الأعمال العالمية ، وبها صار نجما سينمائيا عالميا ، يتقن لأجانب العربية ، خمس لغات عالمية . الانكليزية الفرنسية الاسبانية الايطالية واليونانية .

وكانت المسيرة الفنية للممثل العالمي حافلة بالجوائز حيث فاز بجائزة الـ "جولدن غلوب" لأفضل ممثل عام 1966 في فيلم "دكتور زيفاغو" ورشح عام 1962 لنيل جائزة الأوسكار عن إفضل دور مساعد في فيلم "لورنس العرب"، وتحصل عام 2004 على جائزة مشاهير فناني العالم العربي تقدرا لمسيرته السينمائية، كما فاز في العام ذاته بجائزة "سيزر" لأفضل ممثل عن دوره في فيلم "السيد إبراهيم وازهار القرآن" وحاز أيضا على جائزة "الأسد الذهبي" من مهرجان البندقية السينمائي عن العديد من أعماله. قرر أن يستقر في أوروبا عام 1965 بشكل نهائي، الأمر الذي أثر على زواجه من (فاتن حمامة) وأدى إلى انفصالهماعام 1966 ثم طلاقهما بشكل نهائي عام 1974. ومن الستينات حتى بداية التسعينات. ظل مقيمًا خارج مصر ومنشغلًا بأدواره العالمية في السينما الأمريكية والأوروبية التي قدم خلالها أدوارًا كثيرة ومتنوعة بين الحربي والدرامي والكوميدي. حتى استقر بشكل نهائي بمصر ببداية التسعينات.خلال مشواره الفني الطويل والمميز حصل على عدد من أرفع الجوائز السينمائية قاطبًة . المخرج العالمى دافيد لين الذى التقى به فى الستينيات هو الذى أعاد اكتشافه وقدمه فى العديد من الأفلام، ولكن فيلمه (لورنس العرب) كان من أهم المحطات الفنية فى حياته فقد لقى شهرة عالمية جماهيرية، وأصبح العالم الغربى كله يتابع أفلامه. وقدم بعدها من نفس المخرج الذى اكتشفه فى العالمية عددا من الأفلام منها فيلم (دكتور زيفاغو) وفيلم (The Yellow Rolls Royce) وفيلم "الثلج الأخضر Green Ice. كان فيلم "السرTop Secret" عام 1984 محطة مهمة فى مسيرته بعدما ابتعد عن البطولات، وقدم أدوارا مساعدة فى عدد من الأفلام فقد أعاده هذا الفيلم للظهور وكان محطة مختلفة لأنه ابتعد عن الرومانسية وظهر بشكل كوميدى . يعتبر محطة رجوعه لمصر من المحطات المهمة فى مسيرته فقد عاد وقدم مع المخرج هانى لاشين فيلم (الأراجوز) وفيلم (أيوب) وبعدها ابتعد لفترة وعاد بمسلسل (حنين وحنان) الذى لم يلق النجاح المرجو منه لكن تعاونه مع النجم عادل إمام فى فيلم (حسن ومرقص) كان محطة مهمة فى تاريخه حيث حقق هذا الفيلم نجاحا كبيرا وظهر خلاله عمر الشريف الكوميدى الذى قدم دورا إنسانيا كوميديا . من المحطات المهمة أيضا فى مسيرته فوزه بجائزة الجولدن جلوب لأفضل ممثل عام 1966 فى فيلم الدكتور زيفاجو، ونال الكثير من الجوائز ففى عام 1962 رشح لجائزة الأوسكار عن أفضل دور مساعد فى فيلم لورنس العرب، وفى العام 2004 تم منحه جائزة مشاهير فنانى العالم العربى تقديراً لعطائه السينمائى خلال السنوات الماضية، وحاز أيضا فى نفس العام جائزة سيزر لأفضل ممثل عن دوره فى فيلم "السيد إبراهيم وازهار القرآن" لفرانسوا ديبرون كما حصل على جائزة الأسد الذهبى من مهرجان البندقية السينمائى عن مجمل أعماله، ورشح 3 مرات كأفضل ممثل صاعد عام 1963 عن فيلم Lawrence of Arabia وفاز بها كأفضل ممثل مساعد عام 1963 عن فيلم Lawrence of Arabia وفاز بها وكأفضل ممثل درامى عام 1965 عن فيلم Doctor Zhivago وفاز بها.

.تكتب عنه إحدى الصحف : كان الشريف طالبا متفوقا لا يقل ترتيبه عن الأول دائما، حتى انه أصيب بدهشة شديدة، عندما حل ثانيا ذات مرة.. تسلل الحب الأول إليه وعمره 15 عاما، وكان ذلك في فرنسا من خلال رحلة صيفية قضاها بصحبة عمه وزوجته، وكانت حبيبة القلب، فتاة فرنسية تدعى يان لي مولور، ولكن قصة الحب انتهت سريعا، وكان والده تاجر الأخشاب، لا يبخل على ابنه، وما عليه إلا أن يرسل له الفواتير الليلية، التي كانت تزيد عن الـ60 جنيها في الأربعينات والخمسينات من سنوات القرن البائد، وكان ضمن أصدقائه أحمد رمزي، وكان الشريف يعيش حياتين متوازيتين، في النهار في مكتب الأخشاب في تجارة والده، الذي كان يعده ليكون تاجرا إلى جانب دراسته، إلا ان الحياة الثانية كانت ليلا، عندما كان يقوم بتقديم العديد من النصوص المسرحية خاصة الناطقة باللغة الفرنسية، التي كان يجيدها بطلاقة، فضلا عن عدة لغات أخرى، أجادها فيما بعد. وعندما نقرأ خريطة أفلام عمر الشريف، نجد انه قدم 26 فيلما مصريا، ومن خلالها ارتبط اسمه بالأفلام الجادة، كما اهتم بتنوع أدواره، ولم يحدث أن هوي فيلما من أفلامه، لأن وجوده استطاع أن يغلفها بجدية، وذلك من خلال أدائه الطيب والتلقائي، حيث أصبحت أدواره أنماطا على الشاشة، إلا انه اعترف ذات مرة بقوله: «كنت كلما شاهدت أفلامي القديمة أضحك على نفسي، وأقول ما هذا «الهبل»، الذي أقدمه». وقال إن محمود مرسي أو يحيى شاهين، لا يقل بأي حال من الأحوال، عن تمثيل نحوم عالميين، كما ان تمثيل هذه الأيام، أفضل من تمثيل أيام زمان، الذي كان يتسم بالمبالغة أحيانا». وتوالت أدواره وأعماله، فقدم دور رجب الباحث عن حقوق العمال في ميناء الإسكندرية من خلال فيلم صراع في الميناء»، وقدم دور الفدائي الذي يذهب في عملية فدائية، عبر شبه جزيرة سيناء، لتدمير مستودعات مياه العدو في فيلم «أجراس السلام» مع المخرج كمال الشيخ، الذي قدم معه أيضا دورا متناقضا لشاب يقع في بحور الشباب والهوى والنساء، من خلال فيلم «سيدة القصر»، وقدم دور الصديق والخال لفاتن حمامة الفتاة العابثة، التي تعشق رجلا يكبرها سنا وتسعى للإيقاع بين أبيها وزوجته في فيلم «لا أنام»، وقدم عمر الشريف دور الزوج الباحث عن الحقيقة وسط نساء مذنبات أو بريئات في فيلمي «غلطة حبيبي» و«فضيحة في الزمالك»، وقدم دور ابن القتيل، الذي جاء يتحرى عن مقتل أبيه في فيلم «موعد مع المجهول»، وقدم دور العاشق الولهان، الذي يدفع حياته ضريبة للدفاع عن الوطن في فيلم «نهر الحب» مع فاتن حمامة.. فضلا عن عدد من الأدوار المهمة، التي قدمها الشريف في أفلامه «لوعة الحب» و«غرام الأسياد» و«إشاعة حب» و«في بيتنا رجل» و«بداية ونهاية» و«إحنا التلامذه» و«المماليك». وعمر الشريف، هو النجم الوحيد القادم من الشرق، الذي استطاع ان يعمل في السينما العالمية بهذه الكيفية، من حيث الشهرة والجدة والتواجد. يقول عمر الشريف عن تجربته مع لين «كانت تجربتي معه قوية جدا، خاصة حينما اسند إلي دور يوري زيفاغو، الطبيب الذي يصدم في تجربة الثورة الاشتراكية، ولكن تبقى تجربتي الأولى في السينما العالمية على يديه في فيلم «لورانس العرب»، الذي مكثت بسببه 730 يوما في صحراء الأردن، أثناء تصوير الفيلم مع النجم العالمي بيتر أوتول.. وعلى أية حال فإن ديفيد لين قد اختار أن نعيش في هذا الفيلم حياة البدو، بكل ما فيها من قسوة.. لقد كنا نعمل في الفيلم لمدة 28 يوما في الشهر، وفي اليوم الثامن والعشرين، كنا نعود إلى بيروت في إجازة لمدة 48 ساعة، يقضيها كل منا بالطريقة التي تناسبه، وقد تعودنا أنا وبتر ايتول، أن نقضي أجازتنا في بيروت، وكنا نبحث عن ملهى ليلي من أجل كسر القيود.. إن هذا لا يمكن نسيانه أبدا». وقد تمكن الشريف من ان يقف شامخا، أمام عمالقة من طراز رود شتايغر وجولي كريستي وألك غينس وتوم كتنوي، وغيرهم من نجوم ونجمات هوليوود، الذين سيأتي الحديث عنهم لاحقا، حيث ربطته ببعض من النجمات قصص حب ملتهبة. يقول الشريف، «لقد قدمت في السينما العالمية العديد من الأدوار، التي أرضت غروري وطموحي الفني مثل «جنكيز خان»، ودور القس في فيلم «الجواد الشاحب» من إخراج فريد زينمان، ودور الأمير النمساوي، الذي يموت من أجل حبيبته في فيلم «اماير لينج»، ودور ابن الزعيم الأفغاني في «الفرسان» من إخراج جون فرانكينهايمر، كما جسدت شخصية المناضل الشهير تشي غيفارا، وأعدت تجسيد شخصية الكابتن نيمو وقدمت دور الثائر اليوغسلافي في فيلم «الرولزرويس الصفراء»، وقمت بدور احد الأشقياء الباحثين عن الذهب في فيلم «ذهب ما كنا»، وأديت دور الضابط النازي الذي يحقق في أحدى الجرائم الجنسية، التي ارتكبها جنرال ألماني في فيلم «ليلة الجنرالات»، وقدمت دورا عصريا في فيلم «الموعد» من إخراج سيدني لوميت وأمام أنوك ايميه (إحدى النجمات العالميات، التي وقع في غرامهن عمر الشريف)، كما قدمت في فرنسا فيلم «الاهرامات الزرقاء»، من إخراج الممثلة الفرنسية ارييل دومباك». وعندما بدأ عقد الثمانينات في القرن العشرين كانت الأفلام الكبيرة في السينما العالمية، قد باعدت خطواتها بينها وبين الشريف . وفي هذا يقول : «في هذا الوقت ظهر جيل جديد من المخرجين الشباب، بدأوا يسندون ادوار البطولات لممثلين من الشباب، ممن في سنهم ومن هنا كان علينا أنا وأبناء جيلي، ان نتوارى ولكن ليس إلى الأبد، لأن السينما العالمية كثيرا ما تتذكر نجومها بأفلام كبيرة، وفي أي وقت وقد قدمت مؤخرا بطولة فيلم «إبراهيم وأزهار القرآن»، والذي حصلت من خلاله على جائزة سيزار الفرنسية، وهي جائزة أكاديمية توازي جائزة الأوسكار الأمريكي.. كما حصلت على الجائزة الذهبية أكثر من مرة إلى جانب ترشيحات جوائز الاوسكار للكثير من أفلامي»، فالفيلم الجيد كما يقول الشريف، يخلق من الفنان نجما ويؤهله لأن يحصل على أفضل مائدة في أحسن مطعم، ويكون محط احترام الجميع وقال: «لقد واجهت حضارة تختلف كثيرا عن حضارتي، ومع هذا كنت أحس أنني في بيتي، فالشرقيون أكثر حرارة بالطبيعة.. والصداقة تلعب دورا مهما في حياتهم، واعتقد أن حبي للآخرين كان له دور كبير في نجاحي».

وفي اعترافات الشريف لا ينكر أنه وقع في غرام نجمات أفلامه لبعض الوقت، ويخص بالذكر آفا غاردنر وانغريد برغمان وباربارا سترايسند وأنوك ايميه. ويقول عمر الشريف: «في عام 1969 كنت أفكر في الزواج مرة أخرى، ولكن خسرت أموالا كثيرة.. بل خسرت كل شيء من أسهمي ومدخراتي، عندما انهار سوق الأوراق المالية الأمريكية، ولأول مرة في حياتي بدأت أواجه مشكلات مادية، واعترف بأنني كسبت أموالا طائلة ولكن صرفتها.. لأنني كنت أتصرف كأحد نجوم السينما، الذين يبعثرون أموالهم بسهولة.. فكان لا بد ان أغير أسلوب حياتي، وأتوقف نهائيا عن المقامرة». ويستطرد الشريف، وهو يدلي بشهادته قائلا: لقد بعت القصر الذي كنت امتلكه في باريس، بعد أزمة البورصة الأمريكية وخسائري الخاصة.. لقد أدركت انه من السفه أن افقد كل ما افقد من أموال، لإدارة هذا القصر الكبير لكي أعيش فيه وحيدا، لقد احتفظت بالقصر طويلا، وكان لدي الشعور والأمل بلقاء امرأة مناسبة تجعلني أكون أسرة للمرة الثانية في حياتي، لأنني من عشاق الحياة الأسرية». أضاف الشريف: «إن مليونيرا لبنانيا ـ ناجي أنطوان نحاس ـ نصحني بعد خسائري المالية الكبيرة، بشراء صفقة من الفضة بـ200 ألف دولار، فكسبت من ورائها 4 ملايين دولار، ثم كسبت ثانية من صفقة أخرى، إلى أن استعدت قوتي المالية.. فأكثر شيء تعلمت منه في حياتي هو الفشل والخطأ.. لأن النجاح لا يعلم شيئا». السنوات الأخيرة من حياة هذا النجم العربي العالمي شهدت ازدهارا وتألقا فنيا.. فبعد أن قدم شخصية الشيخ الذي يلتقي طفلا يهوديا في فيلم «إبراهيم وأزهار القرآن»، وحلمه بأن يقدم شخصية المطران كابوتشي، بدأ عمر الشريف تصوير بعض المشاهد من فيلم تلفزيوني ضخم حول مؤسس الكنيسة الكاثوليكية «القديس بطرس» من إنتاج القناة التلفزيونية الإيطالية .rai1

 






مواقع صديقة

 

آفاق سينمائية

مجلة إلكترونية أسبوعية